هدایت راغبین
هداية الراغبين إلى مذهب العترة الطاهرين
ژانرونه
فأقام القاسم عليه السلام طول مدته مخيفا للظالمين، وشجا في حلوق الفاسقين، غير أن المقادير لم تساعده إلى كل ما أراد من تطهير ما ظهر في الأرض من الفساد.
وقد امتد النفس في أحوال القاسم عليه السلام وطرف من أخباره بخلاف من تقدمه من الأئمة، والوجه لذلك أن القاسم أحد الأئمة المرجوع إليهم في التقليد والمذاهب، فأردنا الإشارة إلى فضله وزهده وعلمه، وأنه مع ما ظهر له من ا لعلم والأصحاب والتصانيف كان على الصفة المذكورة في الخوف الشديد والتستر البليغ.
فلو كان عليه السلام آمنا، وعن خشية السلطان ساكنا؛ لكان علمه أوسع رباعا، وكان فضله أكثر أتباعا، وكيف يجهل قدر مثل هذا الإمام أن يعدل عنه إلى تقليد غيره من فقهاء الأنام وعلماء الإسلام، وبعض ما رويناه من زهده وحكيناه من ورعه وفضله أعظم مرجح لتقليده، وأبلغ داع إلى التمسك بمذهبه واجتهاده، مع العلم الظاهر والفضل الباهر.
فانظر إلى هذه الأمة العادلة عن أهل بيت نبيها وعترة هاديها ومهديها، وسبب ذلك تقليد الأسلاف والعادة ، وأصل ذلك كله إخافة الدولة الظالمة لأهل البيت السادة القادة؛ فإن الناس أشبه منهم بسلطانهم بزمانهم، وقد قيل: السلطان هو الزمان، ومعنى هذا الكلام أن للسلطان أثرا عظيما في إصلاح الناس وإفسادهم، فإن كان صالحا أصلحهم وإن كان فاسدا أفسدهم ، والناس أتباع الملوك وطوع إراداتهم إلا النادر، وقليل ما هم.
مخ ۲۶۵