ومما ذكرنا سابقا من أن معنى الأمر إبراز الشوق وأن الطلب ليس إلا التصدي نحو المراد في الإنشاءات وغيرها ، وبإيجاد المولى صيغة «اضرب» مخاطبا عبده يتحقق مصداق الطلب ، لا أن مفهومها إيجاد الطلب وإنشاؤه كما أفاده ، وليس هذا إلا الخلط بين المفهوم والمصداق يظهر أنه لا يمكن الالتزام بوحدة المعنى ، بداهة أن مفهوم صيغة الأمر ، المنشأة في مقام البعث والتحريك مباين لمفهوم صيغة الأمر ، المنشأة في مقام التهديد أو التعجيز أو الإرشاد أو غير ذلك ، فإنه في مقام البعث هو إبراز الشوق ، وفي مقام التهديد هو إبراز الكراهة ، وأن الآمر المنشئ والمتكلم يكره الفعل بحد يعاقب فاعله ، وفي مقام التعجيز هو إبراز أن المخاطب عاجز عن الفعل لا يقدر عليه ، وفي مقام الإرشاد هو إظهار أن الفعل ذو مصلحة وفائدة عائدة إلى المخاطب إن فعل ، وهكذا.
ومن الواضح أن لا جامع بين هذه المعاني ، لمكان التباين بينها ، فلا محيص عن الالتزام بتعدد المعنى إما بنحو الاشتراك اللفظي أو الحقيقة والمجاز ، ولا يهمنا إثبات أحدهما وإبطال الآخر بعد ما كانت الصيغة ظاهرة في البعث والتحريك عند عدم القرينة إما لأنه حقيقة فيه أو لانصرافه إليه.
ومما يؤكد ذلك : صحة إطلاق الطلب بجميع اشتقاقاته عند استعمال الصيغة في البعث والتحريك بأن يقال : «طلب زيد كذا» و «هو طالب كذا» و «هذا الفعل مطلوب له» و «هذا الشخص
مخ ۲۲۰