207

منه تعالى ، وربما لا تصدر بحسب المصالح والمفاسد ، فالإرادة ليست بأزلية حتى يقال : إما تعلقت بالأفعال أو لم تتعلق ، ويلزم ما ذكر ، والأفعال ليست أفعال الله حتى تكون معلولة لإرادته واختياره ، بل هي معلولة لاختيار العباد حيث إنها أفعالهم ، فالقضية سالبة بانتفاء الموضوع.

وبالجملة لما جعلوا الإرادة من صفات الذات ، وقعوا في هذه الشبهة ، وقالوا بمجبورية العباد في أفعالهم ، وأنت بعد ما عرفت أن الإرادة ليست من صفات الذات لا يبقى لك إشكال من هذه الجهة ، فتأمل.

ومنها : أنه تعالى حيث إن إرادته عين علمه ، فإن علم بفعل العبد يجب ، وإن علم بعدمه فيمتنع ، فهو إما واجب صدوره من العبد أو ممتنع ، وإلا يلزم تخلف العلم عن المعلوم ، وهو محال في حقه تعالى ، وبذلك أشار شاعرهم حيث قال :

.......................

گر مى نخورم علم خدا جهل بود

والجواب مضافا إلى أن هذه الشبهة أيضا مبتنية على جعل الإرادة من صفات الذات ، وقد عرفت بطلانه أن علمه تعالى تابع لوقوع الفعل بمعنى أنه حيث كان العبد يصدر منه الفعل علم هو به ، لا أنه حيث علم به يصدر الفعل من العبد.

وبعبارة أخرى : ليس العلم بالصدور علة للصدور ، بل الأمر بالعكس ، والصدور علة للعلم به ، ضرورة أن طلوع الشمس غدا

مخ ۲۱۰