ومَنْ مَسَحَ وَهُوَ مُقِيْمٌ ثُمَّ سَافَرَ، أَوْ مَسَحَ وَهُوَ مُسَافِرٌ ثُمَّ أَقَامَ، أَتَمَّ مَسْحَ مُقِيْمٍ. وَعَنْهُ: في مَنْ مَسَحَ وَهُوَ مُقِيْمٌ، ثُمَّ سَافَرَ أَنَّهُ يُتِمّ مَسْحَ مُسَافِرٍ، فَإِنْ شَكَّ هَلْ ابْتَدَأَ الْمَسْحَ في الْحَضَرِ، أَوْ في السَّفَرِ احتاط، فبنى عَلَى مسح حاضر ومن ابتدأ المسح فِي السفر، أَتَمَّ مَسْحَ مُسَافِرٍ، وَإِنْ كَانَ قَدْ وُجِدَ مِنْهُ الْحَدَثُ في الْحَضَرِ.
وَلاَ يَجُوْزُ الْمَسْحُ إِلاَّ عَلَى مَا يَسْتُرُ مَحلَّ الفَرْضِ مِنَ الرِّجْلَيْنِ، وَيثبتُ بِنَفْسِهِ، سَوَاءٌ كَانَ جلودًا، أَوْ لبودًا (١)، أَوْ خَشَبًا، أَوْ زُجَاجًا. فَإِنْ كَانَ فِيْهِ خَرْقٌ يَبْدُو مِنْهُ بَعْضُ القَدَمِ، أَوْ كَانَ الْمَقْطُوْعُ وَاسِعًا، بِحَيْثِ يُرَى مِنْهُ الكَعْبَانِ، أَوْ كَانَ الْجَوْرَبُ خَفِيْفًا يَصِفُ القَدَمَ، أَوْ وَاسِعًا يَسْقُطُ مِنْ رِجْلِهِ، لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ.
فَإِنْ لبسَ مَعَ الْجَوْرَبَيْنِ نَعْلَيْن فَثَبَتَا بِهِمَا، جَازَ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا، فَمَتَى خَلَعَ النَّعْلَيْن بَطَلَ وُضُوْءُهُ.
وَلاَ يَجُوْزُ الْمَسْحُ عَلَى اللَّفَائِفِ، وَإِنْ كَانَ تَحْتَهُمَا نَعْلٌ؛ لأَنَّهَا لاَ تثبتُ بِأَنفُسِها، وَإِنَّمَا تثبُتُ بِشَدِّهَا. وَإِذَا لَبِسَ الْجُرمُوقَ فَوْقَ الْخُفِّ، أَوْ الْخُفَّ فَوْقَ الْجَوْرَبِ، جَازَ الْمَسْحُ عَلَى الفَوْقانِيِّ، سَوَاءٌ كَانَ الَّذِي تَحْتَهُ صَحِيْحًا، أَوْ مُخَرَّقًا، إِذَا كَانَ قَدْ لَبِسَ الفَوْقانِيَّ قَبْلَ أَنْ يُحدثَ (٢) فَمَسَحَ عَلَى الذي تَحْتَهُ.
وَمَنْ شَرَطَ جَوَازَ المَسْحِ على العِمَامَةِ / ٧ و/ أَنْ تَكُوْنَ تَحْتَ الْحِنْكِ سَاتِرَةً لِجَمِيْعِ الرَّأْسِ إِلاَّ مَا جَرَتِ العَادَةُ بِكَشْفِهِ، كَمقدمِ الرَّأْسِ، وَالأُذُنَيْنِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَحْتَ الْحِنْكِ، بَلْ كَانَتْ مُدوَّرةً، لا ذُؤَابَةَ لَهَا، لَمْ يَجُزِ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ لَهَا ذُؤابَةٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ (٣).
وَالسُّنَّة أَنْ يَمْسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ، دُوْنَ أَسْفَلِهِ وَعَقِبهِ (٤)، فَيَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَوْضِعِ الأَصَابِعِ، ثُمَّ يَجُرُّهَا إِلَى سَاقِهِ، فَإِنِ اقْتَصَرَ عَلَى مَسْحِ الكَثِيْرِ مِنْ أَعْلاهُ أَجْزَأَهُ، وَكَذَلِكَ إِذَا مَسَحَ أَكْثَرَ العِمَامَةِ، وَقِيلَ: لا يُجْزِيء إِلاَّ مَسْحُ جَمِيْعِهَا (٥)، وَلا يَجْزِيء فِيْهِمَا مَا
_________
(١) اللبدة: هُوَ الشعر المتراكب بَيْن كتفي الأسد، واللبادة: مَا يلبس مِنْها للمطر. انظر: الصحاح ٢/ ٥٣٣ (لبد).
(٢) في المخطوط: «أحدث».
(٣) جاء في الشرح الكبير ١/ ١٦٧: «أحدهما: جوازه؛ لأنها لاَ تشبه عمائم أهل الذمة، إِذْ لَيْسَ من عادتهم الذؤابة، والثاني: لاَ يجوز، وَهُوَ الأظهر».
(٤) لحديث عَلِيّ بن أبي طالب ﵁: «لَوْ كَانَ الدين بالرأي، لكان باطن الخفّ أولى بالمسح من ظاهره، وقد رأيتُ رَسُوْل الله ﷺ يمسح عَلَى ظاهر خُفِّه». والحديث أخرجه ابن أبي شَيْبَة ١/ ١٨١، وأبو دَاوُد (١٦٢)، والدارقطني ١/ ١٩٩، والبيهقي ١/ ٢٩٢، وابن حزم في المحلى ٢/ ١١١.
(٥) انظر: المحرر ١/ ١٣، والشرح الكبير ١/ ١٦٥.
1 / 56