فإذا فَرَغَ مِنْ وُضُوئِهِ اسْتُحِبَّ لَهُ أنْ يَرْفَعَ نَظَرَهُ إلى السَّماءِ ثُمَّ يَقُولَ: «أشْهَدُ أنْ لاَ إلَهَ إلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ، وأشْهَدُ أنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ ورَسُوْلُهُ» (١). ولاَ يُسْتَحَبُّ لَهُ أنْ يُنَشِّفَ أعْضاءَهُ، وهَلْ يُكْرَهُ ذَلِكَ؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٢).
ويُكْرَهُ لَهُ نَفْضُ يَدَيْهِ، وتُبَاحُ مُعَاوَنَتُهُ فِي وُضُوْئِهِ ولاَ تُسْتَحَبُّ، فَخَرَجَ مِنْ هذهِ الْجُمْلَةِ أنَّ فُرُوْضَ الوُضُوءِ على الصَّحِيْحِ مِنَ الْمَذْهَبِ عَشَرَةٌ:
النِّيَّةُ، والتَّسْمِيَةُ، والْمَضْمَضَةُ، والاسْتِنْشَاقُ، وغَسْلُ الوَجْهِ، وغَسْلُ اليَدَيْنِ، ومَسْحُ جَمِيْعِ الرَّأْسِ، / ٦ ظ / وغَسْلُ الرِّجْلَيْنِ، والتَّرْتِيْبُ، والْمُوَالاَةُ.
وسُنَنُهُ عَشَرَةٌ:
غَسْلُ اليَدَيْنِ قَبْلَ إدْخَالِهِما الإنَاءَ، والسِّوَاكُ، والْمُبَالَغَةُ في الْمَضْمَضَةِ والاسْتِنْشَاقِ، وتَخْلِيْلُ اللِّحْيَةِ، وغَسْلُ دَاخِلِ العَيْنَيْنِ، والبِدَايَةُ باليَمِيْنِ، وأخْذُ مَاءٍ جَدِيْدٍ للأُذُنَيْنِ، ومَسْحُ العُنُقِ، وتَخْلِيْلُ مَا بَيْنَ الأَصَابِعِ، والغَسْلَةُ الثَّانِيَةُ والثَّالِثَةُ.
بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَغَيْرِهِمَا
يَجُوْزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ، وَالْجُرمُوقِ (٣)، وَالْجَوْرَبَيْنِ، وَالعِمَامَةِ، وَالْجَبَائِرِ، رِوَايَة وَاحَدَة. وَهَلْ يَجُوْزُ الْمَسْحُ عَلَى القَلانِسِ الْمنومناتِ (٤) وَالدَّنياتِ وخُمُرِ النِّسَاءِ الْمُدَارةِ تَحْتَ حُلُوقِهنَّ أَمْ لا؟ عَلَى رِوَايَتَيْنِ (٥). ومن شرط جواز المسح أن يلبس الْجَمِيْع بَعْدَ كمال الطهارةَ وَعَنْهُ لاَ يشترط ذَلِكَ.
وَيَتَوَقَّتُ الْمَسْحُ في الْجَمِيْعِ بِيَوْمٍ وَلَيْلَةٍ لِلْمُقِيْمِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيْهِنَّ لِلْمُسَافِرِ، إِلاَّ الْجَبِيْرَةَ، فَإِنَّهُ يِمْسَحُ عَلَيْهَا إِلَى حِيْنِ حلّها، وابتداء مدة المسح من حِيْنَ الحدث بَعْدَ اللبس في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ، وَالأُخْرَى: مِنْ حِيْنِ الْمَسْحِ بَعْدَ الْحَدَثِ (٦).
_________
(١) وذلك لما أخرجه أحمد ١/ ١٩ - ٢٠، والدارمي (٧١٦)، وأبو داود (١٧٠)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (٨٤)، وأبو يعلى (١٨٠) و(٢٤٩)، وابن السني في عمل اليوم والليلة (٣١) من حديث عُمَر مرفوعًا: «مَن توضّأ فأحسن الوضوء، ثم رفع نظره إلى السماء، فقال: «أشهد أن لاَ إله إلاَّ الله وَحْدَهُ لاَ شريك له، وأشهد أنَّ مُحمَّدًا عبده ورسوله، فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء».
(٢) انظر: الروايتين والوجهين ٧ / أ.
(٣) الجرموق: هُوَ مَا يلبس فَوْق الخف. الصحاح ٤/ ١٤٥٤. وجاء في التهذيب ١/ ٤٣٣: «هُوَ خفٌّ يلبسه فَوْق خفٍّ».
(٤) المثبت من الشرح الكبير ١/ ١٥١، بهامش المغني وَفِي المخطوط: «النوميات».
(٥) نقل إسحاق بن إبراهيم جواز ذَلِكَ، ونقل الميموني منع ذَلِكَ. انظر الروايتين والوجهين ٧/أ.
(٦) الرِّوَايَة الأولى هِيَ: قَوْل الثَّوْرِيّ والشافعي وأصحاب الرأي. والثانية: رويت عن عُمَر ﵁، وَهِيَ اختيار ابن المنذر، الشرح الكبير ١/ ١٥٨.
1 / 55