ختیځ ژوند
حياة الشرق: دوله وشعوبه وماضيه وحاضره
ژانرونه
تعصب الروسيا ضد المسلمين
ولا نظن أن هذه الحالة طارئة على أذهان المستعمرين الأوروبيين، بل إنها قديمة وعريقة وقد لجأت إليها روسيا القيصرية في استعمار التركستان الغربية ، فقد روى و. ق. أحد زعماء تركستان الغربية في سنة 1904 ما يأتي، نقلا عن «العالم الإسلامي» لمصطفى كامل:
بعث إلينا أحد أفاضل المسلمين بالتركستان هذه المقالة فننشرها بحروفها:
بقدر ما بين المسلمين من بعد الديار وتنائي المزار فإننا نحس كأن مصابنا تتشعب منه خيوط تصل إلى أفئدة إخواننا المسلمين في أقصى المعمورة ليتألموا مما ينصب علينا من المظالم التي تنهال على رءوسنا من دولة الروس في كل وقت وآن.
لهجت الجرائد على اختلاف نزعاتها بما يتوقع من الخطرين الأصفر والأبيض ودافعت كل منها بما يوافق مصلحة دولتها، فإن جرائد اليابان صورت الخطر الأبيض بشكل يقشعر له العالم المغولي من ذلك الدب الذي تشعبت له ثماني أيد كل منها تحيط بما طمحت إليه المطامع الأشعبية الروسية، كما أن الجرائد السلافية ملأت أنحاء أوروبا بتلك النعرة التي استفزت بعض دول الغرب ممن رائدها الطيش لأي حادث تعودت أن تخرج فيه عن الحد المعتدل.
ولكننا معاشر مسلمي الروسيا لا يهمنا من هذا وذاك إلا حقوقنا المسلوبة وحريتنا المهضومة والعمل على ما يرقي مداركنا ومعارفنا بما يوافق مصلحتنا المادية والأدبية، سواء لدينا انتصرت الروسيا على اليابان أو بالعكس، فإن الكيل طفح من التعصب الروسي ضد ديننا الحنيف وإرادتنا الشخصية ومصلحتنا العامة مع أننا أول الرعايا المسلمين طوعا لإرادة القياصرة في دفع الإعانات الحربية والذود عن حمى الأوطان والإخلاص للعرش القيصري وفي مقدمة من يتسابقون إلى كل عمل يعود على دولة القيصر بالشرف والمجد والفخار.
أما الأساس الوحيد الذي تدور عليه رحى الحرب الحاضرة فهم المسلمون الروسيون البواسل، فإن المحتشدين منهم في ساحة الوغى ينيفون على الثمانين ألفا عدا، وما زالت الحكومة الروسية تسوقنا إليها سوقا، ومع كل هذا هل يروق لها أن نتمتع بديننا كما نشاء أو تطلق لنا عنان المشروعات الخطيرة المخولة لباقي الأجناس الذين ضمتهم أكناف المملكة القيصرية؟ كلا ثم كلا!
كيف نكون أحرارا في ديننا والحكومة جارية على مبدأ مخالف له على خط مستقيم من زمن مديد؟ ذلك أنه تقرر في سنة 1787 تنصير الرعايا المسلمين واستعمال الوسائل القهرية لتنصيرهم رغم إرادتهم على زعم أن مصلحة الروسيا في ذلك، فانعقدت الجلسات تلو الجلسات حتى انجلت عن استعمال الوسائل السلمية للوصول إلى هذه الغاية، ومن ذلك الحين انتشر المبعوثون فيما بيننا انتشارا مريعا وأسسوا المدارس الروحانية الدينية، وأجبرت الحكومة المسلمين على دخول أبنائهم فيها ليتلقوا مبادئ الدين المسيحي وعبارات الشتائم والطعن على نبينا الكريم ونسبة التبديل والتحريف للقرآن المجيد وغير ذلك مما يبرأ منه ديننا الحنيف، فساءت العاقبة وعم البلاء وأصبحنا نندب سوء حظنا من هذه المعاملات التي تشف عن بغض ذميم لدين الإسلام وأهله.
ربما توهم القارئ لهذه المقالة أنه يمكننا أن ننشئ المدارس طبق رغائبنا أو نتعلم فيما بيننا، ولكن ذلك من رابع المستحيلات، فإنها منعتنا من تأسيس المدارس كما حرمت على أبناء وطننا أن يتعلموا خارج بلادهم تعليما صحيحا، ولو فرض وتعلم واحد منهم في البلاد الأجنبية شددت عليه المراقبة ولاحظته في حركاته وسكناته كأنه ارتكب أعظم الجرائم أو أتى شيئا إدا!
ومما يكتب على صفحات التاريخ بمداد الأسف أن سكان نواحي «آلصلاي» كانوا كلهم مسلمين من مدة غير بعيدة، فلما حل الروس بساحتهم وأحاطوا بهم إحاطة السوار بالمعصم نزعوا منهم خيراتهم وضيقوا عليهم في جميع معاملاتهم وترقبوهم في حركاتهم وسكناتهم ومنعوهم من المخالطة بمسلمي القزان الذين هم أعرف بسياسة الروسيا وأعلم بالشرع الشريف الذي حرمت عليهم الحكومة أن يتعلموه حتى صاروا ولا علماء بينهم ولا مرشد يقوم معوجهم، فاستمروا على هذه الحالة التعسة حتى انتزعت منهم صبغة الإسلام وأصبحوا يتخبطون في جهالتهم وصاروا كالأنعام بل وأضل سبيلا.
ناپیژندل شوی مخ