د عیسى علیه السلام ژوند: په تاریخ کې او د نوي عصر کشفونه

عباس محمود العقاد d. 1383 AH
50

د عیسى علیه السلام ژوند: په تاریخ کې او د نوي عصر کشفونه

حياة المسيح: في التاريخ وكشوف العصر الحديث

ژانرونه

وقد لقيت الدعوة أشد ما يلقاه دين من مقاومة، فلا يفهم من هذا أنها شاعت في العالم الإنساني على الرغم منه أو على غير حاجة منه إليها، فإنما الدين المطلوب هو الدين الذي تعلو أسباب قبوله على أسباب رفضه، وليس هو الذي يقبله الناس جميعا طائعين مستسلمين كأنه غني عمن يدعو إليه، وما من دعوة قط تستغني من مبدأ الأمر عن الدعاة.

ولقد تصدى رسول الإخاء والسلام لدعوته، وهو يعلم أنها أخطر الدعوات، وأنها أخطر جدا من دعوة البغضاء والقسوة؛ لأن الذي يدعو إلى الإخاء يدعو إلى اقتلاع جذور البغضاء، والذي يدعو إلى السلام يدعو إلى تحطيم سلاح الأقوياء، وليس اقتلاع جذور البغضاء بالأمر الهين، وليس تحطيم سلاح الأقوياء علالة حالم، وليس السبيل إلى ذلك سبيل الرضا والوفاق.

لهذا كان يقول: «جئت لألقي على الأرض نارا فحبذا لو تضطرم.» وكان يسأل تلاميذه وسامعيه: «أتحسبونني أتيت لأمنح الأرض سلاما؟» ثم يبادر فيقول: «كلا! وإنما هو الصدام والانقسام خمسة في البيت ينقسم ثلاثة منهم على اثنين، واثنان على ثلاثة؛ ينقسم الأب على ابنه والابن على أبيه ، وتنقسم الأم على بنتها والبنت على أمها، وتنقسم الحماة على الكنة، والكنة على الحماة.»

ولقد كان كلام كهذا يقال على ألسنة بني إسرائيل كما قال ميخا: «ما في الناس من مستقيم، كلهم يكمن للدماء، وينصب الشباك ... لا تأتمنوا صاحبا، لا تثقوا بصديق، وأوصد فمك عن تلك التي تضطجع في حضنك، إن الابن بأبيه مستهين، وإن البنت على أمها ثائرة ... والكنة على الحماة، وللإنسان من أهل بيته أعداء.»

ولكن هذه الأقوال وما شاكلها كانت وصفا لما هو حادث، ولم تكن نبوءة عما سيحدث من الشر في سبيل الخير، ومن البغضاء في سبيل الإخاء، ومن الحرب سعيا إلى السلام.

وقد صحت نبوءة الرسول في بني قومه فناصبوه العداء؛ لأنه يبسط الدعوة إلى الإخاء، ويعم بها «طيور السماء» وهم رمز للطراق في جميع الأرجاء.

ومن الواضح أنه كان يؤثر قومه بالخير لو استمعوا إليه واتبعوه، ولكنهم مدعوون إلى وليمة يرفضونها، فمن حضرها بغير دعوة فهو أولى بها، وكذلك ضرب لهم المثل بوليمة العرس، وقد أرسل الداعي عبده في طلب ضيوفه «فقال هذا: إني اشتريت حقلا، وعلي أن أخرج فأنظره ... وقال ذاك: إني اشتريت أزواجا من البقر، وسأمضي لأجربها ... فغضب السيد وقال لعبده: اذهب عجلا إلى طرقات المدينة وأزقتها وهات إلي من تراه من المساكين ... فعاد العبد وقال لسيده: قد فعلت كما أمرت، ولا يزال في الرحبة مكان. قال السيد: فادع غيرهم من أعطاف الطريق وزواياه حتى يمتلئ بيتي؛ فلن يذوق عشائي أحد من أولئك الذين دعوت فلم يستجيبوا الدعاء.»

ويمكن أن يقال في وصف تلك الدعوة العامة كثير لا يحصى على حسب النظرة التي ينظر بها القارئ إلى كلام المسيح في الأناجيل.

يمكن أن يقال إنها دعوة إلى حين ينتهي وشيكا بانتهاء العالم كله في أمد قريب، ويمكن أن يقال إنها دعوة ملكوت يدوم ولا يعرف له انتهاء.

ولكننا على التحقيق نطابق جوهرها كله إذا وصفناها بأنها «تغيير وجهة» وافتتاح قبلة، ولا سبيل إلى الجمع بين الوجهتين ، ولا إلى التردد بين القبلتين، فلن يخدم أحد سيدين.

ناپیژندل شوی مخ