و ليست أقاويلهم مع هذه الحال في غاية الظهور في كل المواضع ولا مستوفية أيضا لجميع ما تقتضيه المعاني بل مقنعة في بعض المواضع متسمحة في البعض. وليس قصدنا في جميع هذا القول طريق الطعن والتبكيت إذ كان ممكنا أن يكون أصحاب هذه الأقاويل وإن عدلوا عن المعانى التى أهملوها متصورين لها قيمين بها لكن متحرين صفة الحال وممهدين بذلك طريقا للقول على هذه المعاني مع سبقهم إلى الكلام عليها ومبينين تغاير الأقوال فيها من بعض الجهات وإن توافقت من بعض.
فنحن قائلون في هيئة العالم قولا يشتمل فيما نظن على كليات المعانى التى إليها انتهى ادراك الباحثين عن حقائق العلوم التعليمية ومعتمدون بالقصد اقتصاص العلوم التي بينها بنهاية الاستقصاء بطلميوس الفاضل في كتابه في التعليم لكن نفرض للحركات الدوائر والنقط المتوهمة التى أخذها مجردة في سطوح الأكر المتحركة بذواتها تلك الحركات إذ كان ذلك أصدق من صفة الحال وأظهر بيانا عند الأفهام. وكان غرضنا نقل ما فهمناه من هذه العلوم إلى أفهام من يريد الوصول بغير بحث إلى ادراكهاز وكان هو قاصدا فيما استعمله البراهين ومستعنيا فيها بتلك الدوائر والنقط فقط.
ولما كان قولنا بحسب ما بينه ورتبه وكان معرضا عن استعمال شيء من الأجسام نظرنا لكل واحدة من الحركات التى ذكرها في الوجه الذي به يحتمل أن تظهر تلك الحركة عن تحرك جسم كري حركة بسيطة متصلة دائمة. ويمكن مع ذلك اجتماع جميع تلك الأجسام الفروضة لكل واحدة من الحركات معا من غير أن يعرض هناك تمانع ولا مدافعة ولا تعويق بل تكون حركاتها مع اجتماعها دائمة متصلة. فنفرض لكل حركة نذكرها بسيطة جسما كريا متحركا حول مركزه حركة متصلة ليكون ذلك أشبه بالأمر الدائم البعيد عن التغيير السليم من الآفات ثم نلخص القول في جميع ما هو موجود للأجرام السماوية وما يعرض لها من التنقل واختلاف الأوضاع.
مخ ۶