بسم الله الرحمن الرحيم ألعزة لله قول للحسن بن الحسن بن الهيثم في هيئة العالم
قال لم يزل كثير من أصحاب التعليم ممن أنعم النظر في علم الهيئة وأدرك حقائق الصور الموجودة لجملة العالم ولجل أجزائه يجردون قولا مرسلا يشرحون فيه بالجليل من القول كيفية شكل العالم وكل واحد من أجزائه الأول وأحوال جميع الأجرام السماوية وترتيب بعضها عند بعض وأبعاد بعضها من بعض ومقادير أجرامها واختلاف أوضاعها وأنواع حركاتها إلا أنهم سلكوا في ذلك طريقا مطابقا في الظاهر للدقيق من النظر في علم الهيئة و منتزعا من تلك الأقاويل. ولأن تلك الأقاويل أعني الدالة على صور الشكل وقوانين الحركات بالأرصاد المحققة والبراهين المصححة إنما هي مبنية على حركات نقط متوهمة على محيطات دوائر معقولة على ما يتبين في الموجود لنا من كتبهم ومفروضة كذلك المسلوكة في وجوده ليسهل لا غير عكر مجسمة هي المتحركة بتلك النقط تلك الحركات صار قولهم فيما شرحوه مقصورا على تلك الدوائر والنقط فقط إذ لم يجعلوا قصدهم ايضاح الطريق الذي به. يمكن أن تتم تلك الحركات المختلفة مع فرضها في سطوح أكر مجسمة ولا كيفية حال الأكر الحاملة لها مع اختلاف مراكزها بل جعلوا أغراضهم التقاط ما ذكر منها بالتفصيل من الأصوال وايرادها جملا مجردة من البراهين والطوق المسلوكة في وجوده ليسهل لا غير على من هم أن يستفيد معرفة هيآت تلك الحركات متسلما لا باحئا و مقلدا لأهل الصناعة لا مستبصرا فهم ما أوردوه من ذلك وتخيل ما حدوه ورسموه.
مخ ۵