وأظن أن الناس إذا سامحوا التائبة توبة صادقة أنقذوها من التمادي في الفساد، من غير أن تفقد العبرة المبتغاة من رذلها؛ لأن ما تقاسيه من الرذل والهوان في عهد توبتها يكفي لردعها عن الزلة الثانية.
مقام الزالة (1)
أنكر بعض الناقدين التفصيل بين ذات إيفون الجسدية، وذاتها الروحية فيما ورد من تقسيم النساء إلى أربعة أصناف تختلف اختلاف الظواهر والبواطن (الفصل العاشر)، والقصد من ذلك التفصيل بيان أن إيفون (ومثيلاتها) لا تفقد بزلتها جميع فضائلها وسجاياها الحميدة، وآدابها الراقية إن كانت في الأصل على شيء من ذلك، فلا بدع أن تكون فتاة سقطت، أو مومس مبتذلة، عزيزة النفس كريمة الخلق صادقة العهد إلى غير ذلك من الشمائل، فليس من العدل أن تنكر عليها فضائلها هذه، وإذا كانت هذه الزلة تضيع كل الفضائل، فلماذا لا تضيعها أيضا أية رذيلة أخرى كالسكر والقمار. (2)
استهجن بعض الناقدين الإشفاق على الساقطات، وذهب إلى إيجاب خزيهن والمبالغة في رذلهن، والذي أراه أن هؤلاء الساقطات المسكينات أحق من غيرهن بثورة السخط على الهيئة الاجتماعية، التي قضت برذلهن دون رذل شركائهن في الفحشاء، وأولى بأن يستنزلن غضب السماء على البشر؛ لأن الأنام الذين ركلوهن ودهوروهن إلى أسفل مهاوي الشقاء والفساد هم الذين أفسدوهن وأغووهن، فإذا لم يأت إليهن الرجال ويقرعوا أبوابهن، ويساوموهن على أعراضهن، فلا يجدن من يفحشن معه وبالتالي لا يكن فاحشات، وإذا لم ترذل ذا الفاحشة فلا يرتدع عنها.
وبعد هذا البيان الوافي أجرأ أن أقول: إن لإيفون (ومثيلاتها) العذر وكل العذر في أسلوب حياتها من أوله إلى آخره، ولا تستحق شيئا من نقمة الهيئة الاجتماعية، ورذلها فما هي التي أذنبت بل هم المذنبون:
أولا:
أهلها الذين لم يصونوها في عهد ضعف إرادتها، وشبوب الطبيعة والحيوانية فيها.
وثانيا:
الشاب الذي أغواها.
وثالثا:
ناپیژندل شوی مخ