وسمعت الشيخ أبا أحمد يقول : دخل أبو علي على عسل بن ذكوان مع جماعة ، فأنشدهم عسل : + من مجزوء البسيط + ( هل خبر القبر سائليه
أم قر عينا بزائريه ) ( أم هل تراه أحاط علما
بالجسد المستكن فيه ) ( لو يعلم القبر من يواري
تاه على كل من يليه )
وهي قصيدة .
فسألوه أن يمليها عليهم ، فوعدهم ، فألحوا عليه ، فأعرض عنهم ، فقال لهم أبو علي : لا تكلفوا الشيخ ما يكرهه ، فقام فأملاها عليهم ، وإذا هو قد حفظها من لفظه .
وكان عسل ضنينا بعلمه ، وكان إذا رأى متعلما ذكيا يفهم ويحفظ قال : يعين الله والبلغم .
يريد أن الله يبلوه من أمور الدنيا بما ينسيه العلم ، والبلغم مما ينسي .
وذكر لي عن أبي حاتم أنه قال : ضاقت بي الحال أيام طلبي العلم ، فعجزت عن شراء البرز ، فكنت أخرج بالليل إلى الدرب الذي أنزله ، وأرتفق بسراج الحارس ، وكان ربما ينام الحارس ، فكنت أنوب عنه
هذا - وأبيك - الحرص والاجتهاد ، لا جرم أنه صار أحد أعيان الدنيا المشار إليه في العلم والفضل والبراعة والجاه العريض الباقي على أعقاب الليالي والأيام ، ومن طلب وجد ، إلا ما قل وشذ .
مخ ۸۰