Hashiyat al-Attar ala Jam' al-Jawami'
حاشية العطار على جمع الجوامع
خپرندوی
دار الكتب العلمية
د خپرونکي ځای
بيروت
ژانرونه
اصول فقه
وَحَكَّمَتْ الْمُعْتَزِلَةُ الْعَقْلَ) فِي الْأَفْعَالِ قَبْلَ الْبَعْثَةِ فَمَا قَضَى بِهِ فِي شَيْءٍ مِنْهَا ضَرُورِيٌّ
ــ
[حاشية العطار]
تَوَقُّفِ الْحُكْمِ، لَازِمَانِ لَهُ، كَذَا قَرَّرَ الشِّهَابُ وَجَعْلُ الْمَلْزُومِ مُحْتَوِيًا عَلَى لَازِمِهِ تَسَامُحٌ إذْ الِاسْتِلْزَامُ مُغَايِرٌ لِلِاحْتِوَاءِ لَكِنَّهُ يَنْدَفِعُ بِهِ اعْتِرَاضُ النَّاصِرُ الْمَبْنِيُّ عَلَى الْأَخْذِ بِظَاهِرِ مَعْنَى الِاشْتِمَالِ وَمَدْلُولِهِ الَّذِي هُوَ احْتِوَاءُ الشَّيْءِ عَلَى الشَّيْءِ حَيْثُ قَالَ أَيُّ مُحْتَوًى مَفْهُومُهُ احْتِوَاءُ الْكُلِّ عَلَى مَا فِي ضِمْنِهِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الِانْتِفَاءَ قَبْلَهُ وَالْوُجُودَ بَعْدَهُ خَارِجَانِ عَنْ مَفْهُومِ تَوَقُّفِ الْحُكْمِ لَازِمَانِ لَهُ وَأَمَّا اعْتِرَاضُهُ بِأَنَّ الْوُجُودَ بَعْدَهُ لَا يَلْزَمُ مَفْهُومُ الْمُتَوَقِّفِ لِذَاتِهِ أَلَا تَرَى أَنَّ الشَّرْطَ يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ مَشْرُوطُهُ الَّذِي قَدْ لَا يُوجَدُ بَعْدَهُ اهـ.
فَمُنْدَفِعٌ بِأَنَّ الشَّارِحَ لَمْ يَدَّعِ أَنَّ الْمُسْتَلْزِمَ مَفْهُومُ التَّوَقُّفِ لِذَاتِهِ بَلْ مُرَادُهُ أَنَّهُ مَفْهُومُ التَّوَقُّفِ لِلْغَيْرِ وَبَيَانُ هَذَا الْمَلْزُومِ أَنْ يُقَالَ لَيْسَ الْكَلَامُ فِي الْحُكْمِ عَلَى الْإِطْلَاقِ بَلْ فِي الْحُكْمِ الْمَوْصُوفِ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ تَحَقُّقِهِ بِأَنْ يَتَحَقَّقَ التَّعَلُّقُ التَّنْجِيزِيُّ وَلَا بُدَّ فَإِذَا حُكِمَ بِتَوَقُّفِهِ عَلَى الشَّرْعِ لَزِمَ انْتِفَاؤُهُ قَبْلَهُ وَوُجُودُهُ بَعْدَهُ هَذَا وَقَوْلُهُ وَوُجُودُهُ بَعْدَهُ زِيَادَةُ فَائِدَةٍ عَلَى الْمَطْلُوبِ. .
(قَوْلُهُ: وَحَكَّمَتْ الْمُعْتَزِلَةُ الْعَقْلَ) صِيغَةُ فَعَّلَ هُنَا لَيْسَتْ لِلتَّصْيِيرِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُصَيِّرُوا الْعَقْلَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ الْعَقْلِ حَاكِمَا عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مُنْشِئٌ لِلْحُكْمِ إذْ الْمُنْشِئُ لَهُ اتِّفَاقًا مِنَّا وَمِنْهُمْ لَيْسَ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ مُدْرِكٌ لِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى فَمُقَابَلَةُ قَوْلِهِ وَحَكَّمَتْ الْمُعْتَزِلَةُ الْعَقْلَ لِقَوْلِهِ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ بِاعْتِبَارِ لَازِمِهِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ إدْرَاكِ الْعَقْلِ الْحُكْمَ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْحُكْمَ تَابِعٌ لِلْحُسْنِ وَالْقُبْحِ الذَّاتِيَّيْنِ لِمُتَعَلِّقِ الْحُكْمِ ثُبُوتُ الْحُكْمِ قَبْلَ الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ لَا يَنْفَكَّانِ عَنْ ذَلِكَ الْمُتَعَلِّقِ فَكَذَلِكَ الْحُكْمُ أَوْ بِاعْتِبَارِ لَازِمِ قَوْلِهِ وَلَا حُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ إذْ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِنَا الْحُكْمَ قَبْلَ الشَّرْعِ عَدَمُ إدْرَاكِ الْعَقْلِ لَهُ الْمَبْنِيِّ عَلَى التَّبَعِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ فَنَفْيُهُ قَبْلَ الشَّرْعِ نَفْيٌ لِتِلْكَ التَّبَعِيَّةِ فَيَنْتَفِي إدْرَاكُ الْعَقْلِ لَهُ فَاسْتَقَامَتْ الْمُقَابَلَةُ وَاعْتُرِضَ هَذَا بِأَنَّهُ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ السَّابِقِ وَبِمَعْنَى تَرَتُّبِ الذَّمِّ عَاجِلًا وَالْعِقَابِ آجِلًا شَرْعِيٌّ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ فَإِنَّهُ مُتَضَمِّنٌ لِحُكْمِ الْعَقْلِ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ.
وَأَجَابَ النَّاصِرُ بِأَنَّ مَا هُنَا أَعَمُّ مِمَّا تَقَدَّمَ لِشُمُولِهِ جَمِيعَ الْأَفْعَالِ وَاخْتِصَاصِ مَا تَقَدَّمَ بِالْحَرَامِ وَالْوَاجِبِ وَالْمَنْدُوبِ اهـ.
قَالَ سم وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِي قَوْلِهِ فِيمَا تَقَدَّمَ خِلَافًا لِلْمُعْتَزِلَةِ تَصْرِيحٌ بِتَحْكِيمِ الْعَقْلِ لِاحْتِمَالِ التَّوَقُّفِ وَأَيْضًا فِيمَا هُنَا زِيَادَةٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ تَفْصِيلُ مَذْهَبِهِمْ بِقَوْلِهِمْ فَإِنْ لَمْ يَقْضِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأَفْعَالِ) يَعْنِي اعْتَقَدَتْ الْمُعْتَزِلَةُ الْعَقْلَ حَاكِمًا فِي الْأَفْعَالِ فَالْجَارُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ دَلَّ عَلَيْهِ حَكَّمَتْ وَلَيْسَ الْمَعْنَى جَعَلَتْهُ حَاكِمًا كَمَا لَا يَخْفَى اهـ.
وَكَأَنَّهُ فِي فِرَارٍ عَنْ جَعْلِ صِيغَةِ فَعَّلَ بِمَعْنَى جَعَلَ؛ لِأَنَّ الْجَعْلَ بِمَعْنَى التَّصْيِيرِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ صِيغَةَ فَعَّلَ لِلنِّسْبَةِ عَلَى أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ جَعْلِ جَعَلَ بِمَعْنَى اعْتَقَدَ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا﴾ [الزخرف: ١٩] أَيْ اعْتَقَدُوهُ حَاكِمًا فَالْأَحْسَنُ عَدَمُ التَّقْدِيرِ وَتَعَلُّقُ الْجَارِ بِحَكَّمَتْ، ثُمَّ إنَّ الْمُرَادُ بِالْأَفْعَالِ مَا يَشْمَلُ الْأَقْوَالَ وَالِاعْتِقَادَاتِ عَلَى نَحْوِ مَا سَمِعْت مِرَارًا.
(قَوْلُهُ: فَمَا قَضَى إلَخْ) مَا إمَّا مَوْصُولَةٌ أَيْ فَالْحُكْمُ الَّذِي قَضَى الْعَقْلُ بِهِ أَوْ شَرْطِيَّةٌ فَالتَّقْدِيرُ فَأَيُّ حُكْمٍ قَضَى الْعَقْلُ بِهِ وَالْمُرَادُ بِالْقَضَاءِ إدْرَاكُ ثُبُوتِ ذَلِكَ الْحُكْمِ كَالْوُجُوبِ لِذَلِكَ الشَّيْءِ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ فَأَمْرُ قَضَائِهِ فِيهِ ظَاهِرٌ عَلَى الْمَوْصُولِيَّةِ وَجَوَابُ الشَّرْطِ عَلَى الشَّرْطِيَّةِ وَهِيَ خَبَرٌ أَيْضًا عَنْ اسْمِ الشَّرْطِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ خَبَرَ اسْمِ الشَّرْطِ الْوَاقِعِ مُبْتَدَأً هُوَ جَوَابُهُ وَقِيلَ الْخَبَرُ فِعْلُ الشَّرْطِ وَقِيلَ مَجْمُوعُهُمَا وَقَدْ أَوْرَدَ النَّاصِرُ عَلَى تَقْدِيرِ الشَّرْطِيَّةِ أَنَّ جَوَابَ اسْمِ الشَّرْطِ الْمَرْفُوعِ بِالِابْتِدَاءِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ضَمِيرٍ يَرْبِطُهُ بِهِ فَإِنْ لَمْ يُقَدَّرْ هُنَا لَزِمَ مَحْذُورٌ صِنَاعِيٌّ وَإِنْ قُدِّرَ بِأَنْ قِيلَ الْأَصْلُ فَأَمْرُ قَضَائِهِ فِيهِ بِهِ أَيْ بِذَلِكَ الْحُكْمِ الْمَقْضِيِّ بِهِ مِنْ وُجُوبٍ مَثَلًا لَزِمَ أَنَّ قَوْلَهُ أَمْرٌ مُسْتَدْرَكٌ لَا فَائِدَةَ لَهُ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ قَوْلِهِ وَهُوَ غَيْرُ قَضَاءِ الْعَقْلِ فِي الْفِعْلِ الضَّرُورِيِّ مَثَلًا بِمَا قَضَى بِهِ فِيهِ غَايَتُهُ أَنَّهُ تَفْصِيلٌ لِمَا تَقَدَّمَ اهـ.
وَيُجَابُ بِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِي أَمْرِ قَضَائِهِ بَيَانِيَّةٌ سَلَّمْنَا أَنَّهَا غَيْرُ بَيَانِيَّةٍ فَالْمُرَادُ بِالْأَمْرِ التَّفْصِيلُ وَهُنَا مُضَافٌ مَحْذُوفٌ أَيْ فَتَفَاصِيلُ مُقْتَضَى قَضَائِهِ بِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ: فِي شَيْءٍ مِنْهَا) أَيْ فِي فِعْلٍ مِنْ تِلْكَ
1 / 92