د مصر په نولسمه پېړۍ کې د ژباړې حرکت
حركة الترجمة بمصر خلال القرن التاسع عشر
ژانرونه
24
ونلاحظ أن الحكومة كانت تعلق على أعمال الترجمة خطرا عظيما؛ لكي تفوز بأكبر عدد من الكتب المترجمة في أقل زمن، حتى أصبحت الترجمة تشغل الموظفين عن سائر أعمالهم. ثم اتضح أن بعض المترجمين «لم يكن لهم من حذق اللغات الأجنبية والعربية والقدرة على التحرير والكتابة ما يمكنهم من ترجمة ما عهد إليهم ترجمة صحيحة»،
25
والسبب في ذلك واضح: وهو أن أعضاء البعثة الأولى إلى باريس سنة 1826 لم يتقنوا دراسة اللغة الفرنسية، إلا الشيخ رفاعة رافع الذي مرن على أعمال الترجمة وتمهر فيها. أما الباقون فلم يرسلوا إلى أوروبا للتخصص في دراسة اللغات، بل أرسلوا ليتعلموا الفنون والعلوم. حقا أنهم تلقوا دروسهم باللغة الفرنسية، ولكن ذلك لا يعني أنهم أصبحوا حذاقا في الترجمة وهي فن كسائر الفنون التي يتعلمها الطلبة في المعاهد يحتاج إلى ممارسة ومرانة. ثم بعد سنة 1836 قل النفوذ الأجنبي في التعليم بالاستغناء عن كثير من الأساتذة الأجانب بالمدارس، وقد يرجع هذا إلى شعور الحكومة بأن الأجانب في مصر يثقلون بمرتباتهم الكبيرة الميزانية، وخاصة بعد أن أصبح لديها من أهل البلاد الذين أتموا دروسهم في مصر وأوروبا من يمكنها الاطمئنان إلى عملهم وكتابتهم فأحلتهم محل أساتذتهم من الأجانب.
26
وكان لهذا القرار أثر محسوس في نشاط حركة الترجمة في البلاد. فمن جهة رأت الحكومة كفاية أعضاء البعثات في تدريس العلوم لطلبة المدارس الخصوصية حتى إنها استغنت عن عدد غير قليل من المدرسين الأجانب، ولكنها من جهة أخرى لم تفرض عليهم الشروع في تأليف الكتب؛ لتستغني بها عن مؤلفات الإفرنج، بل فرضت على كل عضو من البعثات ترجمة جميع الكتب التي درسها حتى ينتفع بها سائر الطلبة. فاتسعت أعمال الترجمة، واضطرت الحكومة أن تغلق على هؤلاء المدرسين أبواب القلعة لا يبرحونها حتى ينتهوا مما كلفوا أداءه، فإذا فرغوا من مهمتهم سلمت إلى المطبعة الأميرية؛ لتصبح بعد قليل كتبا في أيدي طلبة المدارس.
وكان عمل الترجمة هذا يتطلب وقتا مديدا، وجهدا جهيدا، فلم تمض فترة وجيزة حتى تنبهت الحكومة إلى أن هذا العمل المضني يستغرق من الأساتذة وقتا طويلا فضلا عن أنه يمنعهم من أداء مهمتهم الثقافية على وجه يستوجب الرضا والارتياح، فدعت تلك الأسباب الحكومة إلى تدبير حل يتفق مع مصلحة العمل، ويخفف عن أعضاء البعثات عبئا يثقل عليهم بلا شك احتماله. فقررت الحكومة في سنة 1835 (1251) إنشاء مدرسة الألسن؛ ليتخرج فيها المترجمون، وسنتكلم على هذه المدرسة، مستمدين معلوماتنا من كتاب الأستاذ أحمد عزت عبد الكريم، عن «التعليم في مصر في عصر محمد علي» وهو بحث قيم يوضح لنا جميع النواحي المتعلقة بالتعليم، واكتفينا بإضافة بعض وثائق عثرنا عليها في المحفوظات التاريخية، لم يرد ذكرها في هذا الكتاب. (2-3) المرحلة الثالثة: إنشاء مدرسة الألسن
ورد في الوثيقة المؤرخة 28 ربيع الأول سنة 1251، الصادرة من مجلس الملكية المصرية إلى ديوان الخديو ما يأتي: «جاء في تقرير ناظر المجلس أنه بظل الحضرة الخديوية صار فتح المدارس وتدريس العلوم والفنون فآتت ثمرتها، وإن جناب الخديو رأى أنه يقتضي فتح مدرسة للترجمة من اللسان الفرنساوي للسان العربي نظرا لأهمية ذلك، وأنه قد وقع الاختيار على سلاملك سراي المرحوم الدفتردار بك؛ ليكون مدرسة تستوعب خمسين طالبا، تسمى مدرسة المترجمين، وأن يعهد برياستها للشيخ رفاعة، وأن ينتخب أولئك التلامذة مناصفة من القسمين: البحري، والقبلي ممن يقرأ ويكتب، بشرط أن يكون صحيح البنية، وسنه ما بين أربع عشرة سنة إلى ثماني عشرة، وأن يكون عارفا بلسانه الأصلي، وقد تقرر إرسال رفاعة ومعه حكيم لانتقاء التلامذة المطلوبين، فقرر المجلس أن يكتب لديوان الخديو لكي يكتب للمديرين بمعاونة الشيخ رفاعة على مهمته هذه، وأن يحاط مفتشا الوجهين، القبلي والبحري، سليم باشا وعباس باشا، علما بذلك.»
ويظهر أن الترجمة تحولت إلى مدرسة الألسن في 16 ربيع الآخر سنة 1251 بأمر عال وجدنا ذكره في السجل رقم 66 صفحة 47 رقم 225 وكانت الوقائع المصرية قد نوهت بهذا الأمر في عددها المرقوم 590 الصادر في يوم الأحد 7 من شهر ربيع الثاني سنة 1251، وهذا نص ما جاء في الوقائع «أنه قد رتب لتحصيل جميع العلوم والفنون تحت ظل ولي النعم مدارس متعددة، وشوهدت ثمراتها على ما ينبغي، ولا تزال تشاهد، وحيث خطر ببال حضرة جنابه السعيد أن يرتب مدرسة للمترجمين ليترجم فيها اللسان الفرنسي اللازم أشد اللزوم لتلاميذ المكاتب المصرية باللغة العربية، طلبا لتحصيل الفوائد الكثيرة، صدر أمره العالي خطابا لحضرة مختار بك ناظر مجلس الشورة الملكية بترتيب المدرسة المذكورة على ما يلزم. فسارع الناظر المشار إليه إلى تنفيذ مقتضى الإرادة السنية، واستحسن بالتفكير في ذلك مكانا في مقر المرحوم محمد بك الدفتردار الكائن بالأزبكية حيث وجده يسع نحو خمسين تلميذا، وجعله مدرسة للمترجمين، واستنسب إحالة الرياسة في هذه المدرسة إلى عهدة الشيخ رفاعة رافع الذي ذهب فيما تقدم إلى باريس، وحصل الفنون، وتعلمها على وفق المطلوب، ولما كانت المكاتب التي رتبت قبل الآن مشتملة على تلامذة كثيرة، استصوب أن يؤخذ لهذه المدرسة الجديدة خمسة وعشرون تلميذا من تلامذة المكاتب الكائنة في الوجه البحري، وخمسة وعشرون تلميذا من تلامذة المكاتب التي في الوجه القبلي، وعرض هذا الأمر على أعتاب الخديوي الأكرم، وحيث إن هذا الترتيب المذكور قد وافق مقتضى الإرادة السنية صدر الأمر السامي بإجراء ما يلزم إجراؤه من ذلك، وأدخل السرور على الشيخ رفاعة برياسة هذه المدرسة الجديدة.»
هذا ما ورد في الوقائع المصرية، وكان الغرض من تأسيس مدرسة الألسن تخريج مترجمين لخدمة المصالح والمدارس الحكومية، اتجهت فيه الحكومة منذ إنشائها إلى «أن تكون من خريجها قلما للترجمة يقوم على ترجمة الكتب اللازمة لمدارس الحكومة ومصالحها.»
ناپیژندل شوی مخ