12
تفانى فتح الباب في عمله. كان المخزن يشغل بدروما متراميا يماثل في اتساعه مساحة المحل كله. ترمى فيه أجولة الغلال على الأرفف والأرض، ولكنها تتعرض لحركة يومية بين المجيء والذهاب، فلم يكن الميزان يكف عن العمل ولا يده تكف عن التسجيل. وبحكم عمله كان يحظى بمقابلة أخيه سماحة مرة على الأقل كل صباح ليطلعه على حركة الوارد والصادر. وارتاح الفتوة إلى نشاطه ويقظته، ووجد فيه عينا تلقائية على أمين المخزن، وقال له بأسلوبه: إني أشجع المجتهد وأبطش بالكسول.
13
وعملا بنصيحة سحر زار نور الصباح العجمي أم معلمه ليقدم لها فروض الطاعة. لم يكن قد بقي من جمالها شيء، وقد رحبت به بفتور دل على أنها لا يمكن أن تنسى إساءة. وإذا بها تسأله: كيف حال سنبلة أمك ؟
وأجاب بذل: لم أرها منذ فارقتها لكراهية زوجها لي!
فقالت بحنق: لا عذر لها سوى أنها بلا قلب.
وغادرها مضمرا ألا يراها مرة أخرى.
14
وبتوجيه جدته أيضا زار فردوس هانم. وقد عطفت عليه فبهره جمالها وأناقتها. قالت: سمعت عن نشاطك ما يسر الخاطر.
ولكنه لاحظ أنها لم تعرفه إلى أبنائها. لعلها أبت أن تقدم عاملا بسيطا مثله بصفته عمهم. وآلمه ذلك ولكنه صمم على تجاهله وتناسيه. وغادرها معطرا بشذا جمالها وأناقتها، ومضمرا في الوقت نفسه ألا يزورها مرة أخرى.
ناپیژندل شوی مخ