عند ذاك لمح داخل البوظة مخلوقا يمر بسرعة من جانب إلى جانب، فذهل متسائلا: النساء أيضا؟ - لعلك رأيت فلة؟
لم يكن رأى منها شيئا ذا دلالة فسأله: هل يجيئك نساء أيضا؟ - كلا إنها بنت يتيمة تبنيتها.
ثم مواصلا بلهجة ذات مغزى: أنت لا تتصور أني قادر على فعل الخير، ولكن أليس تبني لقيطة خيرا من بناء زاوية؟
تلقى الغمزة صابرا وسأله: ولماذا تجيء بها إلى الخمارة؟ - لتكسب رزقها بعرق جبينها!
فغمغم آسفا: لا فائدة.
ووثب إلى مقدم الكارو وهو يصيح «حا»، فمضى الحمار مرسلا بحدواته طقطقاته الموسيقية.
18
لم يعد عاشور يرى من النهار إلا غباره، ولا من الليل إلا ظلامه، وكلما أقدم على عطفة توقع عثرة ليست في الحسبان، وترف عينيه فيغمغم اللهم اجعله خيرا. ترى هل أصاب البنيان شدخ يتعذر ترميمه؟
وكان يستنيم إلى مضجعه عقب منتصف الليل عندما ترامى إليه صوت يزعق من وراء النافذة: يا معلم عاشور، يا معلم عاشور.
هرع إلى الشباك ففتحه وهو يغمغم «الأولاد!» فرأى شبحا منحنيا فوق القضبان، سأله: ماذا هناك؟ - أدرك أولادك! إنهم يتقاتلون في البوظة بسبب البنت فلة!
ناپیژندل شوی مخ