ومما يزيد ما قلناه قول الله تعالى: {أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا}[الفرقان:44]، وقال عز من قائل -حاكيا قول أهل النار: {وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير}[الملك:10]، فلم ينف عنهم القلوب، ولا العقل الغريزي؛ لأنه لو نفى عنهم العقل الغريزي لم يكن عليهم حجة، فصح أنه نفى عنهم العقل المكتسب، وذكر أن تركهم للنظر ذنب فقال تعالى: {فاعترفوا بذنبهم فسحقا لأصحاب السعير}[الملك:11]، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الناس يعملون الخير ويعطون أجورهم على قدر عقولهم )).
والحس الذي يقصده الإنسان ويتعمده عرض اختياري من فعل الإنسان. وكذلك الكلام الذي ينطق به الإنسان، وخلق له اللسان والأدوات والأنفاس واللهوات. وفعل العبد فيه الهمة، وتصعيد الأنفاس، وتحريك اللسان. فكان الصوت وظهوره من تصعيد النفس في الحلق. وكان الكلام من تقطيع اللسان واللهوات للنفس، فصار حروفا وكلاما مفهوما.
مخ ۹۰