أنشدني أبو إسحاق بن بندهزار الزوزني:
تحتَ ثِيابِي بَدَنٌ ناحلٌ ... وفي فؤادِي شُغُلٌ شاغِلُ
يا ربِّ لا صبرَ علَى كلّ ذَا ... مَوْتٌ وإلاَّ فَرَجٌ عاجِلُ
وقال القاضي التنوخي:
فديتُ عينيكَ وإنْ كانَتَا ... لم تُبقِيَا من جَسَدِي شَيَّا
إلاَّ خَيالًا لو تأمَّلتَهُ ... في الشَّمسِ لم تُبصرْ له فَيَّا
وقال آخر:
مَنْ كانَ يَزعمُ أنْ سيكتُم حُبَّه ... حتَّى يُشَكَّكَ فيه فهو كَذوبُ
الحُبُّ أغلبُ للرِّجالِ بقهره ... من أنْ يُرَى للسِّرِّ فيهِ نَصيبُ
إنِّي لأَبْغَضُ عاشقًا متحفِّظًا ... لم تتَّهِمْهُ أعيُنٌ وقلوبُ
وقال آخر:
زَمُّوا المَطايا غَداةَ البَيْنِ وارْتَحَلوا ... وخَلَّفوني علَى الأطلالِ أبْكِيها
تَبِعْتُهم فاستَرابُوني فقلتُ لهم ... إنِّي بُعثتُ مع الأجمالِ أحدوهَا
قالوا فنفسُكَ تعلو هكذا صُعُدًا ... ودمعُ عينكَ لا تَرقى مآقيهَا
قلتُ التَّنفُّسُ من إدمانِ سيركمُ ... ودمعُ عينيَ جارٍ من قَذًى فيها
نفسِي تُساقُ إذا سِيقَتْ رِكابكمُ ... فإنْ عزمتُم على قتلِي فَسُوقُوها
وقالت امرأة:
أماطتْ كِساءَ الخَزِّ عن حُرِّ وجهِهَا ... وأرخَتْ علَى الخدَّينِ بُرْدًا مُهلَّهَلا
منَ الَّلاءِ لمْ يَحْجُجْنَ يَبغينَ حِسْبَةً ... ولكنْ ليقتُلْنَ البَريءَ المُغفَّلا
أنشدني أبو علي الحبوبي الزوزني:
أُسكُنْ إلى سَكَنٍ تَقَرُّ بِهِ ... ذهبَ الزَّمانُ وأنتَ مُنفردُ
تَرجُو غَدًا وغَدٌ كوالدةٍ ... في النَّاسِ لا يَدرُونَ ما تلِدُ
وقال عبد الصّمد بن المعذّل:
أقولُ وجنحُ اللَّيلِ مُلْبِدُ ... وللَّيلِ في كلِّ فجٍّ يَدُ
وقد ضمَّ أجسادَنَا مَجْسَدٌ ... ولله ما ضمَّنَ المجْسَدُ
أيا ليلةَ الوصلِ لا تَنْفَدِي ... كَمَا ليلةُ الهجرِ لا تنفَدُ
ويا غَدُ إنْ كنتَ بي مُحسنًا ... فلا تدنُ من ليلتي يا غَدُ
وقال آخر:
أيا جَبَلَيْ نُعمانَ باللهِ خَلّيَا ... طريقَ الصّبَا يخلُصْ إليَّ نسيمُها
فإنَّ الصَّبَا ريحٌ إذا ما تَنَسَّمتْ ... علَى نفسِ مَهمومٍ تجلَّت هُمومُها
وقال آخر:
قِفْ بالمطِيّ فَنادِ في صحرائهم ... فعَسَى يُجيب الحيُّ من أبنائهمْ
أما الخِيام فإنَّها كخيامهم ... وأَرَى نساءَ الحيِّ غيرَ نسائهمْ
لا والَّذي حجَّتْ قريشٌ بيتَهُ ... يَستقبلونَ الرّكنَ من بطحائهمْ
ما أبصَرَتْ عيني خيامَ قبيلةٍ ... إلاَّ ذكرتُ أحِبَّتي بفنائهمْ
آخر:
لأصمتُ إنْ لمْ أَصُمْ عن كلِّ جاريةٍ ... حتَّى يكونَ بِريقٍ منكَ إفْطارِي
آخر:
كأنَّما الكأسُ إلى ثغرِهِ ... مَوصولةٌ بالأنمُلِ الخمسِ
ياقوتةٌ حَمراءُ قد صُيِّرتْ ... واسطةٌ للبدرِ والشَّمسِ
أنشدنا القاضي المؤمل بن الخليل خطيب غزنة:
قدْ برَّحَ الحُبُّ بمشتاقِكْ ... فأَوْلِهِ أحسَنَ أخلاقِكْ
لا تَجْفُهُ وارْعَ له حقَّهُ ... فإنَّهُ آخرُ عُشَّاقِكْ
وقال آخر:
مِن حبّهَا أتمنَّى أنْ يُلاقِني ... مِن نحوِ بلدَتِها ناعٍ فينعَاهَا
كَيْما أقولُ فراقٌ لا وِصالَ لَهُ ... ويضمِرُ القلبُ يأسًا ثمَّ أسْلاها
حدَّثني عبد الله بن يوسف الأصفهاني بنيسابور، قال: حدَّثنا أحمد بن علي بن حسنويه، قال: حدَّثنا سليمان بن سيف، قال: حدَّثنا أبو عاصم النِّيلي عن أميَّة بن عبد الله بن أبي عثمان عن محمد بن قيس بن مخرمة أنَّ النَّبيّ ﷺ رأى رجلًا معه سوط لا علاقة له، فقال له: " أحسِن علاقة سوطك، فإنَّ الله جميل يحبُّ الجمال ".
وروي عن ابن عبَّاس أنَّه قال: من عشق وكتم فمات مات شهيدًا.
1 / 22