هلاج
الحسين بن منصور الحلاج: شهيد التصوف الإسلامي (٢٤٤–٣٠٩ﻫ)
ژانرونه
كما اشتهر بالإرادة القوية الموجهة، والرياضات والمجاهدات الروحية الشاقة، والزهد فيما يقبل عليه لداته من شئون الحياة، ولهو الطفولة، والاستفراق الكامل في الصلاة والتأمل والتعلق بالدراسات التي تتناول المعرفة الروحية، وما تحتوي عليه هذه المعرفة من أنوار وأسرار.
وأقبل الحلاج بكل ما في قلبه من أشواق، وما في روحه من إشراق على علوم عصره من فقه وتوحيد وتفسير وحديث وحكمة وتصوف. ولكنه كما يقول ماسنيون: «سرعان ما راح يبحث عن المعنى الرمزي الذي يرفع دعاء الروح إلى الله.» كان الحلاج يحس في أعماقه دائما تلهفا واشتياقا إلى معرفة أرق وأدق مما يقرأه في صفحات الكتب، ومما يستمع إليه في دروس العلم والعلماء.
معرفة تدنيه وتقربه من الله، وتمنحه المعراج الذي تصعد عليه روحه إلى هداه.
كان يحس أن لروحه عند الصفاء والنقاء، سبحات ملهمات، تترقرق فيها معان مشرقات، وأن قلبه عندما يأخذه الوجد الإلهي، والحب الرباني، تتفتح فيه منافذ يطل منها على ملكوت رائع الجلال والبهاء، تلتمع في آفاقه حقائق أعلى وأسمى مما يتجادل فيه الناس ويتخاصمون.
وإذن فليعمل الحلاج على أن ترتفع روحه بالحب ارتفاعا يجعلها أهلا لهذه الحقائق التي يهبها الله لمن ارتضى من عباده، واصطفى من خلقه.
وانقطع الحلاج عن دروسه، وأقبل على ملكوت السماء والأرض يقلب وجهه في آفاقهما، ويتأمل أسرارهما، ويقرأ بين سطورهما الخفية أسرارا وأسرارا.
وعكف على روحه وقلبه، بالتصفية والمجاهدة، حتى أعطيا كنوزهما، وتفجرا معرفة ونورا.
ونذر نفسه لربه سبحانه، وأقبل عليه بكل ذاته، وقد اشتعلت أحاسيسه بالوجد، والتهبت عواطفه بالحب، إنه يستهدف ارتباط قلبه بالله، وقرب روحه منه، قربا يفنى فيه عن كل شيء، ليبقى له بعد ذلك كل شيء.
إنه فناء الخالدين بربهم، وهو فناء وخلود، لا يعرفه إلا الأفق الصوفي.
وأخذ الحلاج نفسه بهذا المنهج أخذا عنيفا قاسيا، وألزم نفسه به طوال حياته، حتى غدا طابعه الذي تشكل به وجوده المادي والروحي.
ناپیژندل شوی مخ