هغه څنګه جوړ شوی و: اوږده کیسه
هكذا خلقت: قصة طويلة
ژانرونه
وإنني في مخدعي ذات صباح بعد هذه الأسابيع إذ حمل إلي الخادم إعلانا قال إن أحد المحضرين جاء به واستمضاه على أصله، وقرأت الإعلان فإذا هو من مطلقي يطلبني به أمام المحكمة الشرعية لسماع الحكم بضم ولديه إليه لأنني تزوجت وأصبحت لا أؤتمن عليهما. عند ذلك طاش صوتي، وخيل إلي أن انتزاع الصبيين مني معناه انتزاع حياتي من بين جنبي، ولعنت الساعة التي قبلت فيها أن أتزوج من صديقنا، وحسبت أني إذا انفصلت عنه بالطلاق حلت هذه العقدة واستبقيت ولدي في أحضاني، لكن ماذا يقول الناس يومئذ عني؟ ويا لشماتة صديقتي إن حدث مثل هذا الأمر! إنها يومئذ لتدق الطبول وتقييم الأفراح، وتنادي بأن القدر انتقم لها من مؤامرتي عليها، رباه ماذا أفعل وأي سبيل أسلك؟!
وإني لفي حيرتي إذ أقبل صديقنا - زوجي - فناولته الإعلان فقرأه ثم رده إلي، وبعد هنيهة قال: «يا له من دنيء! أيحسب قاضيا يحكم بما يطلب ليقيم الطفلان في بيت لا يرعاهما فيه أحد؟! سأوكل عنك أبرع المحامين الشرعيين يسلقونه في المحكمة بألسنتهم الحداد، ولا يدعون له أديما صحيحا حتى يمزقوه إربا إربا، وسيعلم يوم يحكم القضاء برفض دعواه ومضاعفة نفقة الطفلين أنه اختار أسوأ ميدان يمكن أن ينازلك فيه.»
وبعد الظهر أخذ الإعلان وذهب به إلى محام شرعي من أصدقائه وكله عني، ويومئذ أيقنت أني عدت مع مطلقي إلى خصومة لا تنفع فيها مغاضبة ولا ملاينة؛ لأنها انتقلت إلى عناد عنيف بين زوجي القديم وزوجي الجديد، ولم يخطئ ظني، فقد شغل زوجي بهذه المسألة إلى غير حد، حتى لقد كان يذهب إلى المحامي بعد الظهر من كل يوم، ثم يجيء إلي يقص ما دار بينهما، ويذكر أن المحامي واثق من كسب الدعوى لا محالة.
مع هذا كانت المخاوف تساورني، أولو قضي لمطلقي بضم ولديه فماذا عساي أفعل؟ أؤسلمهما له في يسر وإذعان لأنني إن لم أفعل تسلمهما بقوة القانون؟ لكن حياتي تصبح بعد ذلك جحيما لا يطاق، ويعلم الله بعد ذلك ما يكون بيني وبين زوجي في حياتنا الحاضرة!
وبدأت أعصابي تضطرب لكثرة تفكيري في هذا الأمر، وأدى ذلك بي إلى صنع ما كنت أسخر منه حين يصنعه غيري؛ بدأت أزور الذين يقرءون الكف وينظرون في فنجان القهوة لعلهم يطمئنونني على مصير الولدين، وقيل لي إن شيخا من أولي البركة يستطيع بتعاويذه أن يكفل لي كسب قضيتي، فذهبت إليه من غير أن يعلم زوجي، وكنت كلما رأيت الطفلين أمامي بكيت كأنما أصبحا يتيمين، وكنت أختلف مع زوجي وأغاضبه لسبب ولغير سبب، وكان هو يدرك علة اضطرابي وما أنا فيه فلا يغضبه غضبي، بل يبذل كل جهده ليهون علي الأمر ويرد إلي الطمأنينة.
وتأجلت القضية غير مرة بطلب محامي، ثم جاءت جلسة المرافعة فيها فأردت حضورها، فألح علي زوجي ألا أفعل مخافة أن تصدر مني كلمة من غير قصد تكون سببا في ضياع حقنا، وترافع المحاميان في الدعوى، وقالا في وفي زوجي وفي مطلقي ما قال مالك في الخمر، وحجزت القضية بعد ذلك أسبوعا للحكم فازددت اضطرابا، لقد أفهمني زوجي أن دعوى مطلقي سترفض في الجلسة وفي وجهه، فما هذا التأجيل؟!
وقضيت الأسبوع كاسفة البال كثيرة التفكير، فلن يتغير شيء في حياتي إذا رفضت المحكمة طلب مطلقي، أما إذا حكمت له فالويل لي!
وجاء موعد النطق بالحكم، فإذا هو يقضي بضم الولدين إلى أبيهما، وقعت الواقعة إذن وأقر القضاء ما وجه إلي زوجي من مطاعن، قال زوجي حين رأى جزعي وبكائي: «لا تجزعي فسنستأنف الحكم، وأمل المحامي في الاستئناف كبير.» قلت: «وقد كان أمله كبيرا عندما تسلم الإعلان الأول، وها نحن أولاء خسرنا القضية في الجولة الأولى، ولا أريد بحال أن نغامر أمام الاستئناف فنخسرها مرة أخرى، إنني أريد أن أرى مطلقي بنفسي، وأنا واثقة من مروءته وطيبة قلبه.» قال: «الأمر لك، فاصنعي ما تشائين! لكن الاستئناف يجب أن يرفع بعد أن أصبحت أنا هدفا لمطاعن لا يمكن أن أقبلها.»
وأعلنني مطلقي بالحكم، وكان مشمولا بالنفاذ المعجل، وقال في الإعلان إنني إن لم أسلمه الطفلين لضمهما إليه فسيتخذ إجراءات التنفيذ. قلت في نفسي: أصبح الأمر يقتضي الحكمة وحسن الحيلة، وهبني ذهبت إليه بنفسي فأبى أن يقابلني، أو قابلني في جفاء وأصر على تنفيذ الحكم! أليس خيرا أن أبعث إليه رسوله الذي خاطبني في أمر الولدين، والذي تأثر بحديثي وكاد يبكي لبكائي؟
وبعثت إلى هذا الرسول أرجوه مقابلتي، فلما حضر عندي قلت له: «لقد حسبت سفارتك عني أقنعت مطلقي بالعدول عن ضم ولديه، وها هو ذا قاضاني في أمرهما، وحكم له القضاء بضمهما ورضيت بذلك كرامته، أفأطمع منك مرة أخرى في المرافعة عنده نيابة عني؟ أرجوك أن تؤكد له أنني لم أكن أريد السير في مخاصمته، وأن زوجي هو الذي اندفع فوكل محاميا عني؛ لأن عريضة الدعوى مسته في كرامته وإبائه، وأن تذكر له أنني طوع إرادته في كل ما يريد إذا هو ترك الطفلين يكبران بعيني في رعايتي وحناني، إنه يعلم أنه قاتلي لا محالة إذا انتزعهما مني، فإذا قدر لي أن أعيش قضيت ما بقي من أيامي شقية بائسة، فإن رضيت بذلك مروءته ورحمته وما عودني طول حياتي معه من بر وعطف فذلك شأنه، وذنبي في رقبته، وإن غلبه ما أعرف من بره فترك لي الطفلين، فأنا رهن إشارته، وإن شاء أن يطلقني زوجي فله ما يشاء، وإن أراد أن أهجر القاهرة إلى أي مكان يختاره فأنا طوع إرادته، إنني أقبل كل شيء ما بقي الولدان في أحضان عنايتي وحناني، إنني أم يا سيدي فارحموا أمومتي، ارحموا هذه العاطفة التي أودع الله تكويننا معشر الأمهات، وجعل منها نور أعيننا وسبب حياتنا، ارحموني فإنني اليوم على حافة اليأس، فإن تفعلوا شكرتكم، أو يكون قضاء الله بيني وبينكم.»
ناپیژندل شوی مخ