قلت: وبالسند الصحيح إلى الإمام زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم السلام: (( لا يدهن المحرم ولا يتطيب.)). وفي شرح التجريد: (( أما الطيب فلا خلاف أن المحرم ممنوع منه، وإنما الخلاف في التطيب للإحرام...))، وفيه: (( فأما الفاكهة فإنها لا تجري مجرى الطيب.)) انتهى. فالفواكه المأكولة كالسفرجل والأترج والليم والتفاح يجوز شمها، لأن المقصود بها الأكل ويلزم شمها. وفي البخاري أن يعلى قال لعمر: أرني النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين يوحى إليه. قال: فبينما النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالجعرانة ومعه نفر من أصحابه، جاءه رجل فقال: يا رسول الله كيف ترى في رجل أحرم بعمرة وهو متضمخ بطيب؟ فسكت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ساعة فجاءه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى، فجاء وعلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثوب قد أظل به فأدخل رأسه، فإذا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محمر الوجه وهو يغط ثم سري عنه. فقال: أين الذي سأل عن العمرة؟ فأتي برجل، فقال: (( اغسل الطيب الذي بك ثلاث مرات، وانزع عنك الجبة واصنع في عمرتك كما تصنع في حجتك )). وأخرجه المؤيد بالله عليه السلام مختصرا بلفظ: وعليه جبة وهو مصفر اللحية والرأس، وفيه: انزع عنك الجبة واغسل عنك الصفرة. وقال: وفي بعض الأخبار: اغسل عنك أثر الخلوق والصفرة... إلى آخره.
الكلام على الطيب عند الإحرام:
وأما ما رواه الستة عن عائشة قالت: (( طيبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين أحرم، ولحله حين أحل قبل أن يطوف بالبيت بطيب فيه مسك.)). وفي شرح التجريد أنها قالت: (( كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفرق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو محرم.)). فقد أجيب عنه بأجوبة أحسنها ما قاله المؤيد بالله عليه السلام: (( ويجوز أن تكون طيبته قبل إحرامه، ثم لما أراد الإحرام غسله عن نفسه.)). فقد روي أيضا أنها قالت: ((طيبته قبل أن يحرم.)).
مخ ۴۵