١٧٣ - قال مؤلفه: كان عندي أبو طاهر بن أبي قيراط العلوي، وقد رتبته في خزن الكتب بدار العلم من شارع ابن أبي عوف في غربي مدينة السلام التي وقفتها في سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة، فبينما نحن نتحدث إذ استؤذن لإنسان ديلمي أقعدته في الدار هو وزوجته لحفظها وخدمة من يدخل إليها، فقال ابن أبي قيراط: فاتشوه عما عنده مني لننظر ما يعتقده في؛ وكنت أمزح معهما دائما على العبث بينهما، وأشطر كلا منهما عن صاحبه، فأضحك مما يورده هذا الديلمي في العلوي؛ واستتر العلوي وراء إنسان كان حاضرا، فلما جلس الديلمي وفرغ من سلامه قلت له: كان العلوي البارحة هاهنا فهل استوحشت له أم لا؟ فقال: لعن الله ذاك، فإنه كافر وزنديق، ساقط شحيح، يشتري شيئا بنصف حبة يأكله يوما ويومين، فإن كان مالحا وبقي ذلك الجلد الذي لا ينقطع ولا يؤكل، أو باذنجانة مرة، أو قليل لبن حامض، صاح بالمرأة وأعطاها الذي لا يصلح للسنانير فضلا عن الناس، ويناظر ظاهرا في إبطال الشريعة وتكذيب الأنبياء، ويظهر الكفر والإلحاد، وبالله يا سيدي إني أكره أن يكون مثله نائبا عنك في ذلك الموضع وعلى تلك الدار والكتب!! وضحكنا، وزاد فيما يورده، وأفحش فيما يذكره. وأخرق العلوي ما سمعه، فخرج من وراء ذلك الإنسان، لضحك الرجل ووقوعه على وجهه، فلما رآه الديلمي بقي حائرا وقال: يا شريف كذبت فيما قلته، والتفت إلي وقال: يا سيدنا رجل حر فيه خير والله، ما يقصر معنا، يعطينا البزر والشيرج ومن جميع ما يشتريه قبل أن يأكله، ونحن له شاكرون داعون! وامتقع لونه، وتلعثم لسانه، وتعثر كلامه، فلحقنا من النوبة الأخرى ما زاد ضحكنا له وأسرف، فأما أنا فغلب علي الأمر حتى قمت من المكان وغبت عنهم ساعة من الزمان ورجعت والديلمي قد انصرف، وبقي العلوي يلوم نفسه، ويقول: شرعت في أن سمعت سبي والاستخفاف بي في وجهي!.
1 / 44