144

حديث عيسى بن هشام

حديث عيسى بن هشام

ژانرونه

ولكن فاتك أن تعليم أبنائنا في المدارس يفيدنا فائدة عظيمة يغتفر لها كل ذنب، وهي دخولهم في سلك الموظفين في الحكومة وارتقاؤهم المراتب والمناصب، ويا ليت آباءنا كانوا التفتوا في أيامهم إلى تعليمنا في المدارس فكنا استغنينا عن ممارسة التجارة وذل البيع والشراء، وكساد السوق وترويج السلعة بالأقسام والأيمان، فما العيش إلا عيش الموظفين الذين يأخذون مرتبهم في آخر كل شهر نقدا عينا وذهبا خالصا دفعة واحدة سالمة لأيديهم بلا مطل ولا تسويف، في مقابل جلوسهم بالديوان ثلاث ساعات من كل يوم يقضون الجزء الأعظم منها في المسامرات والمفاكهات، ثم ناهيك بما لهم بين الناس من التوقير والتعظيم، وما في قدرتهم من مساعدة الأصحاب ونكاية الأعداء، ورأس المال في ذلك كله الإحاطة ببضعة كتب في المدرسة، فأخبرني حينئذ أي ربح في التجارة وأي شأن لها يوازي هذا الربح وهذا الشأن في خدمة الحكومة، وسبحان من قسم الحظوظ فلا عتاب ولا ملامة.

الرابع :

كل هذا معلوم ومسلم به، ولكن من أين لك أن ينال ابنك الشهادة وأنت تعلم حال القابضين على زمام التعليم، فقد خرج أكثر أبنائنا من المدارس بلا شهادة وخسرنا عليهم الأموال في نفقاتها، ومن صادفته العناية منهم ونال الشهادة مثل ابني، فإنه لم يزل يتردد على أبواب الحكومة في تطلب الخدمة، والوظائف مشحونة ونظار الحكومة لا يجددون سواها.

السادس :

عسى الله أن يبدل الأحوال وتسقط هذه النظارة ويمن علينا برجوع أولئك النظار الذين يهتمون بمصالح أهل البلد وأبناء الوطن، فترى حينئذ كيف يكون تقدم أبنائنا في المناصب.

الخامس :

حقا إذا ذهب هؤلاء النظار وعاد صاحبك إلى النظارة، فقد أقبل علينا السعد وانجلت الكروب وصفت الأوقات، وأنا أرجو أن لا تنسى ابني عند السعي لأنجالك فقد كان معهم في مدرسة واحدة، وهو دائما يطالع الجرائد، ويترقب الحوادث التي يكون من ورائها سقوط هذه النظارة.

الثامن :

أراكم تخبطون في أمر أولادكم على غير هدى، والأصوب عندي أن نعلمهم العلوم ليكونوا أسوة أهل زمانهم معرفة واطلاعا، لا لأجل التوظف في الحكومة والخروج عن طبقاتهم، وأما من جهة حفظ المواريث في أيديهم بعد مماتنا فأحسن الطرق أن لا نقتر عليهم في النفقة أثناء حياتنا، وأن لا نتركهم بمعزل عن أشغالنا، بل نخصص لهم قسما من المال يشتغلون به على حدتهم تحت أعيننا ليتمرنوا على العمل، ويدركوا لذة المكسب بأنفسهم فتتربى لهم ملكة الحرص على المنافع، وينتفعوا بعلومهم في اتساع تجارتهم والتفنن في أبواب المرابحة، وقد جربت ذلك في أولادي وأنا أرجو فيهم الخلف الصالح إن شاء الله.

السادس :

ناپیژندل شوی مخ