ثمّ بلغه أنّ (هوازن) اجتمعت لحربه في أربعة آلاف، عليهم مالك بن عوف النّصريّ «١»، فخرج ﷺ إليهم لعشرين [من] شوّال، في عشرة آلاف جيش الفتح، وألفين ممّن أسلم يوم الفتح، فكانوا اثني عشر ألفا، فأعجبتهم كثرتهم، فقالوا: لن نغلب اليوم من قلّة، فلم تغن عنهم كثرتهم شيئا، ووجدوا المشركين قد كمنوا لهم في شعاب (حنين) وهو واد بين (مكّة والطّائف)، فلمّا توسّط المسلمون فيه شدّوا عليهم ورشقوهم بالنّبل، وكانوا رماة، فانهزم المسلمون، وثبت النّبيّ ﷺ في جماعة، فنزل عن بغلته وأخذ كفّا من الحصى فرمى به في وجوه المشركين فانهزموا، ونصر الله المسلمين، فغنموا ذراريّهم وأموالهم، وكانوا قد جعلوهم معهم ليقاتلوا دونهم، فانهزم منهم طائفة عليهم: دريد بن الصّمّة، وساقوا المال والذّراريّ، فأدركهم أبو عامر الأشعري في سريّة ب (أوطاس) فهزموهم بعد أن قتل أبو عامر ﵁ ولحق أكثرهم ب (الطّائف)، فتوجّه النّبيّ ﷺ إلى (الطّائف) وقاتلهم قتالا شديدا، وحاصرهم بضعا وعشرين ليلة، فلم يظفر بهم، فدعا لهم بالهداية ورجع، فأتوه بعد رجوعه إلى (المدينة) مسلمين على يدي مالك بن عوف.
ولمّا قفل ﷺ من (الطّائف) قسم غنائم (حنين) ب (الجعرانة) «٢» - على مرحلتين من (مكّة) -.
ثمّ أحرم منها بعمرة، وذلك في ذي القعدة، فدخل (مكّة) فقضى نسكه.
_________
(١) في الأصل: عوف بن مالك النّصري، وهو كذلك أينما ورد في الأصل.
(٢) الجعرانة: قرية صغيرة في صدر وادي (سرف)، فيها مسجد يعتمر منه أهل مكّة المكرّمة، تقع شمال شرقي مكّة المكرّمة، على قرابة ٢٤ كيلا. وتقع على ١١ كيلا شمالا عدلا من طريق اليمانية، (معالم مكّة ص ٦٤- ٦٥) .
1 / 74