فإن قال قائل إذا نفيتم وجوب الأشياء عقلا وعولتم في وجوبها على السمع كان فيه إبطال النبوات وذلك لأن أول رسول يرد من الله تعالى ويدعو الخلق إليه لا يعلم صدقه إلا بالنظر في معجزته فلا يجب النظر إلا بدليل سمعي وقبل ورود الرسل لم يثبت الشرع ليلزم النظر بحكم ذلك الشرع قال يلزمهم النظر في المعجزة وفيه إبطال النبوات
قلنا عن هذا السؤال يتوجه على من يقول بالوجوب عقلا فإن الطريق عندهم أن العاقل يخطر بقلبه أن له صانعا قد خلقه وأنعم عليه وأراد شكره على ما أنعم عليه ومن لم يخطر له هذا الخاطر وتغافل فليس يعلم وجوب النظر في المعجزة ولا وجوب معرفة الصانع وعندهم معرفة الله والنظر في المعجزة واجب عليه
ثم جوابنا عنه أن نقول لهم ليس من شرط الوجوب عندنا شرع مستقر قبل ورود الرسل ولكن الشرط ورود الرسل وظهور الدلالة في الظاهر وتمكن المخاطب من النظر فيه وإذا وجد ذلك وجب النظر في المعجزة فلم يتضمن قولنا إبطال النبوات
فصل
أول ما يجب على المكلف القصد إلى النظر الصحيح المؤدي إلى العلم بحدوث العالم وإثبات العلم بالصانع
مخ ۵۵