إلى أن قال:
عند الخطوب النكر يبدو فضلكم
والنار تخبر عن ذكاء العنبر
لو صور الإسلام شخصا جاءكم
عمدا بنفس الوامق المتحير
ولو انه نادى النصير لخصكم
ودعاكم يا أسرتي يا معشري
نعم، كانت التفرقة بين أمراء العرب في الأندلس مما علم أعداءهم كيف يتحدون ليدفعوهم عن أرضهم، كما وقع للعرب في صقلية سنة 413 فإنهم بعد أن دافعوا عنها جيوش البيزنطيين والنورمانديين والروسيين والفاكريكيين قسموا صقلية إلى إمارات صغرى؛ فأنشئوا جمهورية في بلرم، وأخرى في سرقوزة، وكان ذلك من أكبر الدواعي في زوال سلطانهم. لا جرم أن ضعف الوازعين الديني والمدني من ميل القوم إلى الراحة والدعة، وضعف الأخلاق الحربية فيهم، وانتشار الفوضى في أحكامهم كان منه أن تأذن الله بذهاب ريحهم لا كما يدعي بعض العامة من أن رواج سوق الشعر كان السبب في زوال الأندلس، وتبديد شمل أهلها، فقد كان الشعر عندهم من جملة المسليات؛ لأن للعرب عامة غراما به، والأدب وسيلة إلى العلوم كافة، والعرب أمة أولعت منذ عرف تاريخها بالفصاحة والبلاغة.
ومن تدبر سير الحروب بين العرب والإسبان والبرتغاليين في المدة التي ارتفعت فيها أعلام المسلمين على الأندلس يدرك أن القوتين قوة الغالب والمغلوب كانت متعادلة في أكثر الأيام، ولكن تكتب الغلبة للفريق الذي كان جنده منظما أحسن من جند خصمه، وكان بعض خلفاء الأندلس يعتمدون على جنودهم من الرقيق كالصقالبة وغيرهم، ويعفون رعاياهم من التجنيد، على حين كان زعماء الإسبان يصرفون أيام شبابهم في تعلم الضرب بالسيف والرمح؛ لقتال أعدائهم،
1
ناپیژندل شوی مخ