الفصل الخامس عشر
مدينة غرناطة
بلد تحف به الرياض كأنه
وجه جميل والرياض عذاره
وكأنما واديه معصم غادة
ومن الجسور المحكمات سواره
هذا ما قاله ابن الخطيب في هذه العاصمة آخر ما حكمته العرب من أرض الأندلس من عواصمها وحواضرها جمعت فيها بقاياهم وجالياتهم، فظلوا فيها نحو قرنين ونصف قرن، وعمروها فأدهشوا العالم بعمرانها. جاءها جميع المسلمين الذين لم يحبوا أن يبقوا في البلاد التي وقعت في قبضة العدو يحتمون بملوكها من بني نصر جاءها ألوفا ألوفا من قرطبة وإشبيلية وبلنسية يحملون إليها ما كان مبعثرا من الصنائع والثروة في تلك الأرجاء.
قالوا: إن غرناطة قاعدة بلاد الأندلس، وعروس مدنها، وخارجها لا نظير له في بلاد الدنيا، وهو مسيرة أربعين ميلا يخترقه نهر شنبل المشهور وسواه من الأنهر الكثيرة والبساتين والجنات والرياضات والقصور والكروم محدقة بها من كل جهة، وحكى ابن سعيد: أن غرناطة تسمى دمشق الأندلس؛ لسكنى أهل دمشق بها عند دخولهم الأندلس، وقد شبهوها بها لما رأوها كثيرة المياه والأشجار، وقد أطل عليها جبل الثلج
Sierra-Nevada
كما أطل جبل الثلج أو جبل الشيخ أو جبل حرمون على دمشق. وفي ذلك يقول ابن جبير:
ناپیژندل شوی مخ