مشهور جدًا.
وثالثًا: أن ابن القيم ﵀ قد حكى خلاصة هذه الفتيا في كتابه الآخر المسمى بـ "عدة الصابرين"، وما ذكره هناك يطابق رأيه تمامًا في هذه الفتيا.
قال في "عدة الصابرين":
"وأما قول بعض الفقهاء: إن من حَلَف أن يحمد الله بأفضل أنواع الحمد؛ كان برُّ يمينه أن يقول: (الحمد لله، حمدًا يوافي نعمه، ويكافيء مزيده)، فهذا ليس بحديثٍ عن رسول الله ﷺ، ولا عن أحدٍ من الصحابة، وإنما هو إسرائيلي عن آدم، وأصح منه: "الحمد لله غير مكفيٍّ؛ ولا مودَّعٍ، ولا مستغنى عنه ربنا".
ولا يمكن حَمْدُ العبد وشكرُه أن يوافي نعمةً من نعم الله فضلًا عن موافاته جميع نعمه، ولا يكون فِعْلُ العبد وحمدُه مكافئًا للمزيد، ولكن يُحمل على وجهٍ يصح، وهو: أن الذي يستحقه الله سبحانه من الحمدِ حمدًا يكون موافيًا لنعمه، ومكافئًا لمزيده، وإن لم يقدر العبد أن يأتي به، كما إذا قال: "الحمد لله مِلْءَ السموات، ومِلْءَ الأرض، ومِلْءَ ما بينهما، ومِلْءَ ما شئتَ من شيءٍ بعدُ، وعدد الرمال والتراب والحَصَى والقَطْر، وعددَ أنفاسِ الخلائق، وعددَ ما خلقَ اللهُ، وما هو خالقٌ"، فهذا إخبارٌ عما يستحقه من الحمد، لا عما يقع من العبد من الحمد" (^١).
_________
(^١) (عدة الصابرين) ٢٢٨ - ٢٢٩.
وما ذكره ابن القيم ههنا تخريج جيد لمعنى هذه العبارة، وعليه يحمل كلام من استعملها من الأئمة كقول الإمام البيهقي ﵀ وهو يتحدث عن =
المقدمة / 15