والجواب عن ذلك بأن الحديث ليس فيه أن العبد إذا قال هذا الذكر أنه يكون قد قام بحق الله حقَّ القيام، وأنه وفَّى نعمةَ اللهِ شكرَها، وأتى بما يكافيء ذلك! بل غاية ما يدل عليه أنه أتى بذكرٍ يعدل جميع حَمْد الحامدين، وهذا من تضعيف الأجور.
ويؤكد ذلك أن حَمْدَ العالمين كلِّهم لا يفي بحقِّ الله عليهم، ولا يكافيء نِعَمهُ لديهم، فإن الله ﷿ ليس لشكره نهاية، كما ليس لعظمته نهاية.
هذا إن سلِمَت الزيادة في قوله: "فقد حَمِد اللهَ بجميع محامد الخلق كلِّهم" من الإعلال، فإن أصل الحديث في المسند والسنن وغيرها بدون هذه الزيادة!.
نسبة الفتيا لابن القيم:
ثَمَّ أمورٌ تجعلنا نجزم بنسبة هذه الفتيا لابن القيم ﵀، وهي:
أولًا: أنه قد جيء باسم المؤلف في صدر الفتيا، فقال ناسخ المخطوط:
"أجاب شيخنا الإمام العالم، قدوة المحققين، عمدة المحدثين، شمس الملة والدين: أبو عبد الله محمد بن أبى بكر القيم، تغمده الله برحمته".
وثانيًا: أنه قد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ﵀ في أثناء الرسالة في عدة مواضع، وكاد يصفه بـ (شيخنا)، وتتلمذ ابن القيم على شيخ الإسلام
_________
= في المستدرك ١/ ٥٤٥ - ٥٤٦ وصححه ووافقه الذهبي، والبيهقي في (شعب الإيمان) رقم ٤٠٧٢، والضياء في (المختارة) رقم ١٥٧٤ و١٥٧٥.
المقدمة / 14