156

فصوص الحکم

فصوص الحكم

ژانرونه

قولي يكون حلالا ، وفي نفس الأمر ما هو عين ما مضى ، لأن الأمر خلق جديد ولا تكرار . فلهذا نبهناك . فكنى عن هذا في حق موسى بتحريم المراضع: فأمه على الحقيقة من أرضعته لا من ولدته ، فإن أم الولادة حملته على جهة الأمانة فتكون فيها وتغذى بدم طمثا من غير إرادة لها في ذلك حتى لا يكون لها عليه امتنان، فإنه ما تغذى إلا بما (1) لو لم يتغذ به ولم (2) يخرج عنها ذلك الدم لأهلكها وأمرضها. فللجنين المنة على أمه بكونه تغذى بذلك الدم فوقاها بنفسه من الضرر الذي كانت تجده لو امتسك ذلك الدم عندها ولا يخرج ولا يتغذى به جنينها . والمرضعة ليست كذلك ، فإنها قصدت برضاعته حياته وإبقائه . فجعل الله ذلك لموسى في أم ولادته ، فلم يكن لامرأة عليه فضل إلا لأم ولادته لتقر(3) عينها أيضا بتربيته وتشاهد انتشاءه (4) في حجرها، "ولا تحزن " .ونجاه الله من غم التابوت ، فخرق ظلمة الطبيعة (94 -ب) بما أعطاه الله من العلم الإلهي وإن لم يخرج عنها ، وفتنه فتونا أي اختبره في مواطن كثيرة ليتحقق في نفسه صبره على ما ابتلاه الله: (5) به . فأول ما ابلاه الله به (6) قتله القبطي بما ألهمه الله ووفقه له في سره(7) وإن لم يعلم بذلك ، ولكن لم يجد في نفسه اكتراثا بقتله مع كونه ما توقف حتى يأتيه أمر ربه بذلك ، لأن النبي معصوم الباطن من حيث لا يشعر حتى ينبأ أي يخبر بذلك. ولهذا أراه الخضر قتل الغلام فأنكر (8) عليه قتله ولم يتذكر قتله القبطي فقال له الخضر"ما فعلته عن أمري " ينبهه (9) على مرتبته قبل أن ينبأ أنه كان معصوم الحركة في نفس الأمر وإن لم يشعر بذلك. وأراه ايضا خرق السفينة التي ظاهرها هلاك وباطنها نجاة من يد الغاصب . جعل له ذلك

مخ ۲۰۲