وهؤلاء الدعاة مختلفون أبدًا، آخِذٌ بعضهم بخناق بعض؛ يتناظرون أبدًا ويتجادلون ويتقاذفون الردود، لا في مصر والشام والعراق وحدها، بل في بلاد الإسلام جميعًا. ولقد شهدت في كراتشي من يُعرفون بأهل الحديث، ومن هم عاكفون على أقوال متأخري فقهاء الحنفية لا يحيدون عنها شعرة كأنها هي الكتاب المنزَّل، ومن هو على مشرب الصوفية ... وغير هؤلاء وأولئك، والخلاف قائم بينهم. ورأيت مثل ذلك الخلاف في الدين في أندونيسيا.
والخصوم، خصوم هؤلاء الدعاة جميعًا وخصوم الإسلام من البعثيين والشيوعيين والملحدين والمفسدين من أتباع المستشرقين، ينظرون ويتفرّجون بهذا الخلاف، ويفرحون به، ثم ينطلقون إلى الميدان الذي أخليناه فيسرحون فيه وحدهم ويمرحون ويصنعون ما يريدون.
والإسلام الذي جاء به محمد بن عبد الله ﷺ واحد، له مفهوم واحد، فعلامَ هذا الاختلاف؟ وكيف نستطيع أن نقرِّب الإسلام إلى أفهام الناس ونعرّف به من لا يعرفه، ونعرضه على حقيقته سهلًا واضحًا معقولًا، إذا كنا مختلفين في الصورة التي ينبغي أن نعرض عليها الإسلام؟
وأنا لا أقول بتوحيد الأفهام ومنع الاختلاف، فما أظن أن هذا يكون، ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة، ولكن الذي أقوله هو وجوب الاتفاق على الأسلوب الذي ندعو به إلى الإسلام، والصورة التي نعرضها له على التلاميذ في المدارس،
1 / 84