فهؤلاء صنوف الغالية من أصحاب عبد الله بن معاوية والعباسية الروندية وغيرهم غير أن أصحاب عبد الله بن معاوية يزعمون أنهم يتعارفون في انتقالهم في كل جسد صاروا فيه على ما كانوا عليه مع نوح عليه السلام في السفينة ومع النبي صلى الله عليه وسلم ويزعمون في كل عصر وزمانه ويسمون أنفسهم بأسماء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ويزعمون أن أرواحهم فيهم ويتأولون في ذلك قول علي بن أبي طالب عليه السلام وقد روى أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها أئتلف وما تناكر منها اختلف فنحن نتعارف كما قال علي عليه السلام وكما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم بالتناسخ وتنقل الأرواح مدة ووقت وهو أن كل دور في الأبدان الأنسية فذلك للمؤمنين خاصة فتحول إلى الدواب للنزهة مثل الأفراس و الشهاري وفي غيرها مما يكون لمواكب الملوك والخلفاء على قدر أديانهم وطاعتهم لأئمتهم فيحسن إليها في علفها وإمساكها و تجليلها بالديباج وغيره من الجلال النظيفة المرتفعة والسروج المحلاة وكذلك ما كان منها لأوساط الناس والعوام فإنما ذلك على قدر إيمانهم فتمكث في ذلك الانتقال ألف سنة ثم تحول إلى الأبدان الإنسية عشرة آلاف سنة وإنما ذلك امتحان لها لكيلا يدخلهم العجب فتزول طاعتهم ، وأما الكفار والمشركون والمنافقون و العصاة فينتقلون في الأبدان المشوهة الوحشة عشرة آلاف سنة ما بين الفيل والجمل إلى البقة الصغيرة ، وتأولوا في ذلك قول الله عز وجل : حتى يلج الجمل في سم الخياط ( 7 : 40 ) ونحن نعلم ما هو في خلق الجمل وما كان مثله من الخلق لا يقدر أن يلج في سم الخياط وقول الله لا يكذب ولابد من أن يكون ذلك ولا يتهيأ إلا بنقصان خلقه وتصغيره في كل دور حتى يرجع الفيل والجمل إلى حد البقة الصغيرة فتدخل حينئذ في سم الخياط فإذا خرج من سم الخياط رد إلى الأبدان الإنسية ألف سنة فصار في الخلق الضعيف المحتاج وكلف الأعمال والتعب وطلب المكسب بالمشقة فبين دباغ و حجام وكناس وغير ذلك من الصناعات المذمومة القذرة على قدر معاصيهم فيمتحنون في هذه الأجسام بالإيمان بالأئمة والرسل والأنبياء ومعرفتهم فلا يؤمنون ويكذبون ولا يعرفون فلا يزالون متنقلين في هذه الأبدان الإنسية على هذه الحال من حال إلى حال ألف سنة ثم يردون بعد ذلك العذاب إلى الأمر الأول عشرة آلاف سنة فهذه حالهم أبد الآبدين ودهر الداهرين ، هذه قيامهم وبعثهم وهذه جنتهم ونارهم وهذه الرجعة عندهم لا رجوع بعد الموت والقوالب تفنى وتتلاشى ولا تعود ولا ترد أبدا
وقالت الزيدية و المغيرية أصحاب المغيرة بن سعيد لا ننكر لله قدرة ولا نؤمن بالرجعة ولا نكذب بها وإن شاء الله تعالى أن فعل فعل
مخ ۴۱