Fiqh of Worship by al-Uthaymeen
فقه العبادات للعثيمين
ژانرونه
السؤال (١٠٢): فضيلة الشيخ، نود أن نعرف أيضًا سجود السهو في الصلاة من حيث موجباته ومواضعه؟
الجواب: سجود السهو في الصلاة أسبابه في الجملة ثلاثة: الزيادة، والنقص، والشك.
فالزيادة: مثل أن يزيد الإنسان ركوعًا، أو سجودًا، أو قيامًا، أو قعودًا.
والنقص: مثل أن ينقص الإنسان ركنًا، أو ينقص واجبًا من وجبات الصلاة.
والشك: أن يتردد كم صلى ثلاثًا أم أربعًا مثلًا.
أما الزيادة: فإن الإنسان إذا زاد في الصلاة ركوعًا، أو سجودًا، أو قيامًا، أو قعودًا متعمدًا بطلت صلاته، لأنه إذا زاد متعمدًا فقد أتى بالصلاة على غير الوجه الذي أمر به الله ورسوله، وقد قال النبي ﷺ: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد" (١) .
أما إذا زاد ذلك ناسيًا، فإن صلاته لا تبطل، ولكنه يسجد للسهو بعد السلام، ودليل ذلك: حديث أبي هريرة ﵁، حين سلم النبي ﷺ من ركعتين في إحدى صلاته، إما الظهر وإما العصر، فلما ذكروه، أتى ﷺ بما بقي من صلاته وسلم، ثم سجد سجدتين بعدما سلم (٢)، ولحديث ابن مسعود ﵁، أن النبي ﷺ صلّى بهم الظهر خمسًا، فلما انصرف قيل له: أزيد في الصلاة؟ قال: "وما ذاك؟ " قالوا: صليت خمسًا، فثنى رجليه، واستقبل القبلة، وسجد سجدتين (٣) .
أما النقص: فإن نقص الإنسان ركنًا من أركان الصلاة، فلا يخلو، إما أن يذكره قبل أن يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، فحينئذ يلزمه أن يرجع فيأتي بالركن وبما بعده، وإما ألا يذكره حتى يصل إلى موضعه من الركعة الثانية، وحينئذ تكون الركعة الثانية بدلًا عن الذي تركه منها، فيأتي بدلها، أي بدل الذي تركها منها بركعة، وفي هاتين الحالين يسجد بعد السلام.
مثال ذلك: رجل قام حين سجد السجدة الأولى من الركعة الأولى، ولم يجلس، ولم يسجد للسجدة الثانية، ولما شرع في القراءة، ذكر أنه لم يسجد ولم يجلس بين السجدتين، فحينئذ يرجع ويجلس بين السجدتين، ثم يسجد، ثم يقوم فيأتي بما بقي من صلاته، ويسجد للسهو بعد السلام.
ومثال من لم يذكره إلا بعد وصوله إلى محله من الركعة الثانية، أنه قام من السجدة الأولى في الركعة الأولى، ولم يسجد السجدة الثانية، ولم يجلس بينها وبين الأولى ولكنه لم يذكر إلا حين جلس بين السجدتين من الركعة الثانية، ففي هذه الحال تكون الركعة الثانية هي الركعة الأولى، ويزيد ركعة في صلاته، ويسلم ثم يسجد للسهو.
أما نقص الواجب: فإذا أنقص واجبًا وانتقل من موضعه إلى الموضع الذي يليه، مثل أن لو نسي قول " سبحان ربي الأعلى" ولم يذكر إلا بعد أن رفع من السجود، فهذا قد ترك واجبًا من واجبات الصلاة سهوًا، فيمضي في صلاته ويسجد للسهو قبل السلام، لأن النبي ﷺ لما ترك التشهد الأول، مضى في صلاته، ولم يرجع، وسجد للسهو قبل السلام (٤) .
أما الشك: فإن الشك هو التردد بين الزيادة والنقص، بأن يتردد المصلي هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، وهذا لا يخلو من حالين: إما أن يترجح عنده أحد الطرفين الزيادة أو النقص، فيبني على ما ترجح عنده، ويتم عليه، ويسجد للسهو بعد السلام، وإما ألا يترجح عنده أحد الأمرين، فيبني على اليقين وهو الأقل، فيتم عليه، ويسجد للسهو قبل السلام.
مثال ذلك: رجل صلى الظهر، ثم شك هل هو الآن في الركعة الثالثة أو الرابعة، وترجح عنده أنها الثالثة، فيأتي بركعة، ثم يسلم، ثم يسجد للسهو، ومثال ما يستوي فيه الأمران: رجل يصلي الظهر، فشك هل هذه الركعة الثالثة أو الرابعة، ولم يترجح عنده أنها الثالثة أو الرابعة، فيبني على اليقين وهو الأقل، فيجعلها الثالثة، ثم يأتي بركعة، ويسجد للسهو قبل أن يسلم.
وبهذا تبين أن سجود السهو يكون قبل السلام، فيما إذا ترك واجبًا من الواجبات، أو إذا شك في عدد الركعات ولم يترجح عنده أحد الطرفين، وأنه يكون بعد السلام، فيما إذا زاد في صلاته أو شك وترجح عنده أحد الطرفين.
حكم السلام بعد سجود السهو
(١) تقدم تخريجه ص (١١١) . (٢) أخرجه البخاري، كتاب السهو، باب إذا سلم في ركعتين أو في ثلاث سجد سجدتين، رقم (١٢٢٧)، ومسلم، كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له، رقم (٥٧٣) . (٣) أخرجه البخاري، كتاب السهو، باب إذا صلى خمسًا، رقم (١٢٢٦)، ومسلم، كتاب المساجد، باب السهو في الصلاة والسجود له، رقم (٥٧٢) . (٤) أخرجه الترمذي، كتاب الصلاة، باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيًا، رقم (٣٦٤)، وصححه العلامة أحمد شاكر في حاشيته على الترمذي (١/١٩٩) .
1 / 172