فصل: واما الارض الغليظة
فهى تماثل الارض اللينة بعض المناسبة وتقرب منها يجود فيها اكثر الثمار، والغالب على مزاجها الحرارة والرطوبة. يدل على ذلك انه اذا زرع فيها النبات بكيرا او دخل عليه فصل البرد لم يسأل عنه ويتخلص، وربما احتاج الى اليسير من الزبل وهى ارض مدخنة قوية يخرج ودكها على وجهها وتمكث فى هذه الارض حرارة قوية تولدت فيها من اجل ان هذه الارض تنفتح وتنشق عند افراط الحر فيسرى فيها حر الهواء فاذا نزل عليها الماء انقبضت وانغلقت على تلك الحرارة وتولدت فيها حينئذ رطوبة، ويخرج ودكها على وجهها ولا يحتاج ايضا لهذه الارض الا الزبل اليسير لفضلها وحرارتها، وينبغى ان يكون زبلها سلسا مخدوما معفنا رقيقا قديما ليكون واسطة بين الارض والنبات وهذه الارض محتملة لكثير الماء لحرارتها، وهى تتعلك عند نزول المطر عليها، ولا يغوص الماء فيها سريعا بل يبقى على وجهها من اجل شحمها، وبذلك يستدل على انها مشحمة وفيها بعض ما فى هذه الارض اللينة من انفتاح مسامها وتعاقب الاهوية على باطنها وهذا يكون منها فى فصل الحر عند تشققها كما ذكرنا فيغوص فيها الهواء الحار فيطبخها وينضجها ويذهب ببرودتها فتصلح لذلك وتتجرد كل عام بهذا الامر الذي يعرض لها
فصل: واما الارض الجبلية
الغالب على طبعها البرودة واليبوسة وهى تناسب الارض اللينة فى البرودة خاصة، وليس لهذه الارض مسام مفتوحة مثل ما للارض اللينة والغليظة وهى مايلة [مائلة] الى الحروشة من اجل اليبس المكون فيها، ولا يجود فى هذه الارض كل نبات ولا يصلح فيها كل ثمر. فمن بعض ما يجود فيها من الثمار اللوز والتين والفستق والبلوط والقسطل والصنوبر وما اشبهه، وسنذكر ذلك مشروحا ان شاء الله، ويوافق هذه الارض الماء الكثير والزبل الكثير، وهى ارض شديدة قوية فى ذاتها تتداول الاهوية على ثمرها المغروسة فيها ولا يؤثر فيها الا ان يكون فى بعض الاعوام صر [حر؟] مفرط خارج عن العادة فربما اضر بها بعض الضرر لان الثمار التي فى هذه الارض مشاكلة لها فى طبعها وشدتها وهى محتاجة كما ذكرنا الى كثرة الماء والزبل الذى يصلح لها ما قربت حرارته وتمكنت رطوبته لاجل برودتها ويبوستها، ولا ينبغى ان يغفل عن هذه الارض وشبهها بالزبل بل يتعاهد به لانها تاكل الزبل وتحيله فى اقرب مدة وترده الى طبعها وما زرع فيها من النبات بكيرا لا بد له من الزبل على كل حال، كان الشتاء رطبا او باردا لا بد لهذا النبات من الزبل اول ما يزرع. الا انه ان كان فصل الشتاء رطبا ربما كفاه ما جعل فيه من الزبل اول ما زرع ويتخلص به ذلك العام ولاجل احتياجها الى الماء الكثير الذى يعين عليها ويذهب برطوبتها، فانه ان غفل عنها ثم زرع فيها الزراريع المختلفة ونبتت وارادت النهوض لم تقدر، وربما تحركت قليلا، لاجل ما فيها من يسير الزبل ونهضت حتى اذا فنيت المادة اليسيرة من الرطوبة والحرارة وهى قد بلغت ثلث مدتها او نصفها او قاربت تمامها توقعت وتقهقرت.
مخ ۴۲