فصل: اعلم ان الارض التي يزرع فيها ثلاثة اضرب بور ومعمور وقليب، فالبور ارذلها للزرع وان كانت فى ذاتها طيبة ولا تصلح حتى تحرك بالقليب او بالتزبيل لانها ارض راقدة هامدة، واما المعمور فهو الحصيد وهى افضل من البور على كل حال لا سيما ان كان الحصيد من زرع قد كان على قليب، وقد كانت الارض بورا، والقليب الذي على سكة واحدة افضل من العمارة الطيبة واصدق فى الزرع، واما الذي هو من سكتين فهو اجود وافضل والذي ثلاث واربع هو المتناهى فى الجود ولا شىء يعدله لا الزبل ولا غيره، وقد ذكرنا علة ذلك وهو بين لا يخفى الا عند الضعفاء من اهل الفلاحة، واذا نزل الماء على الارض اول اكتوبر وكان الماء على قدر ما تروى به كان ذلك حسنا جيدا كانت الارض عند ذلك قائمة بنفسها مستحكمة فى صحتها فان تكاثر عليها الماء بعد ذلك ودام عجزت عن حمله وثقلت به ودخل عليها العوارض من اربع جهات وهى برد الماء وبرد الهواء وبردها وبعد الشمس عنها ومما يستدل به على مرضها ان ينظر اليها فى هذا الفصل وهى تحرث، فان رأيت ارضها لا تجرى وتنقطع مدرا صغيرا فهو بدء مرضها فان تركت حتى تخف مما اثقلها من البرودة والرطوبة التي فيها كان حسنا وان تقوى الحال بها وترادف الماء والهواء المتكاثف عليها وانقطع الارض لها عند الحرث مدرا كبارا او صغارا فهى مريضة لا محالة لا يصلح ان يزرع فيها فى ذلك الوقت شىء غير الترمس لا اكثر وتركها عند ذلك احسن من حركتها لخياطة الزريعة وصيانة الارض وان حركت فى ذلك الوقت اضر بها ذلك من العام القادم وزادها ذلك مرضا الى مرضها لانها متى حركت ثم خرج عليها الشمس فى فصل الربيع والصيف اشتد ذلك وصارت على صفة خبث الحديد وانزمت على ما زرع فيها من النبات وقطعته سريعا، ولا يكون فيها منفعة الا بالقليب. واما اذا نظرت اليها عند الحرث على ما تقدمنا فرأيت ارضها تنقطع مدرا عظيما من اول الخط الى آخره متصلة بعضها ببعض لا صغار معها، فهذه الارض موات لا خير فيها ولا بركة وسميناها عند ذلك مواتا، لان جميع ما يزرع فيها يموت، ولا تصلح لشىء من الزراعة ولا الغراسة، وكذلك وقت تقليب ينبغى الا تحرث اذا كانت على هذه الحال حتى تخف.
مخ ۵۷