أو يغضب من أمر فيحلف بالطلاق، مع أن الذي أفهمه أنا أن الزواج عقد يعقد قصدًا يراد به ضمُّ حياة الرجل إلى حياة المرأة، وأن الطلاق عقد مثله يراد به حلُّ العقد الأول، ولا بأس أن يكون حلُّ العقد بيد الرجل وحده ولكن لا بدَّ من ثبوت القصد، وأعني بالقصد أن يطلِّق الرجل وهو يفكِّر في معنى الطلاق ونتائجه، ويقصد فكَّ الرابطة الزوجية فيجب أن يكون القصد شرطًا في وقوع الطلاق، ويجب أن نجد طريقة مادية لإثبات القصد، كأن يشترط تبليغ الزوجة الطلاق بواسطة موظف مخصوص ينصبه القاضي فإن طلَّق رجل وهو قاصد من غير واسطة هذا الموظف، يقع الطلاق دينًا، ولا تسمع به الدعوى.
هذا وأنا لا أجتهد في هذه المسألة ولكن أدعو إلى الاجتهاد فيها ودرسها. وهناك مسائل كثيرة، لا أعمد الآن إلى استقصائها.
...
متى وجدت هذه الحلقة المفقودة درست هذه المسائل كلها، فحققت حاجات العصر وأجابت مطالبه، ولم تخرج على أصول الإسلام ولم تخالف قواعده ودرست الإسلام من كافة النواحي العلمية والفنية والاجتماعية، فإن درسنا الحقوق الأساسية العامة، درسنا الحقوق الأساسية في الإسلام، وإن بحثنا في الاشتراكية بحثنا عن رأي الإسلام في الاشتراكية، وإن انقطعنا إلى التاريخ درسنا التاريخ الإسلامي درسًا حديثًا، وإن اشتغلنا بالفلسفة درسنا تاريخها في الإسلام، وحكم الإسلام في نظرياتها ومسائلها ... (١)
_________
(١) حاشية كتبت لما طبع الكتاب الطبعة الأولى سنة ١٣٧٩:
كتبت هذه المقالة من أكثر من ربع قرن، وقد جاء فيها ما لا بد من التنبيه إليه، من ذلك أنه إن خالف عمر وعثمان وأمثالهم النص ظاهرًا فإن لهم مستندًا شرعيًا ولولاه ما أجمع الصحابة على الرضا بما صنعوا، وإجماع الصحابة دليل وليس لغيرهم أن يصنع مثلهم، وقد غلط في هذه المسألة كثيرون أولهم (الطوفي) وآخرهم الشيخ عبد الوهاب خلَّاف في (السياسة الشرعية)، ومنها أنه لا يجوز الاعتماد على الحساب وحده في إثبات رمضان، بل لابد من الرؤية.
1 / 76