في الحديث عن ابن عباس (١): من استعمل رجلًا من عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين.
وفي الحديث (٢) عن يزيد بن أبي سفيان قال: قال أبو بكر الصدِّيق حين بعثني إلى الشام: يا يزيد إن لك قرابة عسيت أن تؤثرهم بالإمارة، وذلك أكثر ما أخاف عليك بعد ما قال رسول الله ﷺ: من ولي من أمر المسلمين شيئًا فاستعمل عليهم أحدًا محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفًا ولا عدلًا حتى يدخله جهنَّم.
وكان الشأن في المسلمين الأولين أنهم يفرُّون من الولاية ويخشونها، ولا سيما القضاء فربما عرض عليهم غأبوا، فنالهم أذى فصبروا واحتسبوا ولم يقبلوا. وحديث الأئمة في هذا الباب أبي حنيفة ومالك وغيرهما مشهور معروف، والأحاديث في التنفير من طلب الوظيفة كثيرة جدًا حتى عقد لها الحافظ عبد العظيم في (الترغيب والترهيب) بابًا مستقلًا. جاء في الحديث الصحيح (الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم) عن عبد الرحمن بن سمرة: يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها.
وروى أبو داود والترمذي عن أنس عن النبي ﷺ أنه قال: من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكًا يسدِّده.
وروى مسلم وأبو داود عن أبي ذر قال: قلت يارسول الله ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي، ثم قال: يا أبا ذر: إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلَّا من أخذها بحقِّها وأدَّى الذي عليه فيها.
_________
(١) رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
(٢) رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
1 / 68