أيبقى هؤلاء الناس جاهلين، يعيشون بمعزل عن الحياة، يترفع الشاب المتعلم عن الجلوس إليهم ومصافحتهم والسلام عليهم، وإذا بعثوه ليكونوا معلمًا لهم، أو موظفًا فيهم، أقام الأرض وأقعدها ولم يدع وسيلة للتخلص من هذا (النفي) إلا توسل بها؟
إن الفلاحين في بلاد العرب، هم جمهرة السكان، هم حياة البلاد، هم الشعب فإلى متى يبقون محرومين من العلم والصحة والنظافة والإنصاف والمدنية؟
فكروا في هذا أيها الشباب.
يا أيها الشباب الذين يعرفون القرية ومعيشتها وحالة أهلها.
يا أيها الشباب الذين يحبون بلادهم، ويريدون صلاحها.
إن الشاب النافع هو الذي يخدم ويعمل ويدع أثرًا صالحًا، أما صاحب الجعجعة والكلام الفارغ فلا ينفع أحدًا، إن ميدان القرية أحوج الميادين إلى همم الشباب، وذكائهم، ومعرفتهم ونشاطهم، لا أريد أن يترك الطلاب مدارسهم ليزرعوا الأرض، ويعيشوا في الحقل، ولكن أريد أن يفكروا بمثل (مشروع إنعاش القرى) الذي قام به في صيف سنة ١٩٣٣ نفر من طلاب الكلية الأميركية في بيروت، فانتخبوا من المتطوعين للعمل في القرية فريقًا بحثوا أسبوعًا في (مؤتمر) عقدوه، ودرسوا أحوال القرية اللبنانية، وعرفوا داءها، وفتشوا عن دوائها، وكان يعاونهم بعض الأساتذة والخبراء الفنيين، ثم ألفوا أربع بعثات وأرسلوها إلى القرى، فدرست الحال عن كثب، ورأت أن العمل في قرية واحدة يقيمون فيها الصيف كله أسهل وأنفع، وأنه يجب على أعضاء البعثة أن يحملوا خيامًا يبيتون فيها، وطعامًا لهم وشرابًا، ليخففوا عن الفلاح ولا يرزؤوه شيئًا، وليروه لونًا من الحياة جديدًا ويحببوه إليه، وكان من أهم أغراض أصحاب ذلك المشروع:
١ - الصحة، فيكون في البعثة الصحية قسم للدرس والإحصاء والتعليم، وقسم للتطبيب.
1 / 64