من أجل أن أنكرتم تأويلا
وفكرة عصمة الإمام دعتهم كما دعت الشيعة عامة إلى القول بعصمة الأنبياء، أما ما ورد في القرآن الكريم عن معاصي الأنبياء، فقد ذهبوا في تأويلها إلى أوجه لم يعرفها المفسرون، ولا أدري من أين أتوا بها. راع ما كتبناه عن تأويل الأنبياء في كتاب «ديوان المؤيد في الدين».
وهكذا ترى الفاطميين لا يكادون يختلفون في عبادتهم العملية الظاهرة عن غيرهم من المسلمين، فهم يحرمون ما حرمه الله تعالى، ويتجنبون المآثم والمعاصي، ويحللون ما أحله الله تعالى للمسلمين، ولكن التأويل الباطني للإسماعيلية هو الذي جعلهم يوسعون الهوة بينهم وبين غيرهم من المسلمين، فقد أرادوا بتأويلهم الباطني إسباغ الفضائل على الأئمة، فجعلوا يناسبون العقل الأول، وصفات الله وأسماؤه الحسنى المذكورة في القرآن الكريم جعلوها للعقل الأول، وتبعا لذلك جعلوها للأئمة، أما الله - سبحانه وتعالى - فقد نزهوه عن كل صفة، ووحدوه التوحيد كله.
نوحد الله ولا نشبه
فقد انتفت عنا بذاك الشبه
20
فالإمام مثل سائر البشر مكون من جسم ونفس، وبعد موته يتحلل كل قسم إلى ما يناسبه، فالجسم الترابي يعود إلى التراب، والنفس الشريفة تعود إلى ما يجانسها ويناسبها، فتصبح نفس الإمام عقلا من العقول المدبرة للعالم، فلا تتناسخ ولا تتلاشى؛ لأن الفاطميين لا يدينون بالتناسخ، وهي المنقصة التي رماهم بها خصومهم، ولا يقولون بالتلاشي، بل ناقشوا أصحاب هذه العقائد وسفهوا آراءهم، كما كفروا الغلاة الذين ألهوا عليا والأئمة من أبنائه. قال المؤيد في الدين داعي الدعاة:
فكيف شرع الأنبياء ندفع
وما لنا إلا النبي مرجع
بنوره في الدرجات نرتقي
ناپیژندل شوی مخ