299

په نوي ادب کې

في الأدب الحديث

ژانرونه

شهر قلمه في وجه الإنجليز غير مبال بهم وبسلطانهم القوي بوادي النيل، فآثار بذلك حفيظتهم, وخافوا إن تركوه وشأنه أن يتسع الخرق، ويفسد الأمر # ويعيدها جذعا فأفوقفوا مجلته، ورحلوه إلي يافا3 منفيا بعد أن منحوه أربعمائة دينار, وأجروا عليه خمسة وعشرين كل شهر، واشترطوا عليه ألا يكتب شيئا بشأن مصر، ولم ينفعه الخديو ويحول بينه وبين النفي؛ لأنه كان مغلول اليد, والسلطة كلها بيد الإنجليز.

ولم يكن بيافا أسعد منه حظا وهو بمصر؛ إذ وشى به جماعة لدى السلطان عبد الحميد فأمر بإبعاده، فعاد إلى الإسكندرية في حيرة من أمره بعد أن لفظته بلاد الدولة العثمانية، بيد أن الغازي مختار باشا تشفع له عند السلطان عبد الحميد حتى سمح له بالسفر إلى تركيا, وهناك التقى بأستاذه الأكبر جمال الدين، وكان كلاهما في أسر وإن اختلف القفصان، فجمال الدين في قفص من ذهب ينسجم مع حسبه ومكانته، والنديم في قفص من حديد يليق بمقامه.

وعين النديم مفتشا للمطبوعات, وهي وظيفة اسمية تكفل له راتبا مقداره خمسة وأربعون مجيديا، وطبعي أنه لم يزاول العمل بمهنته تلك، وهي أبعد الوظائف عن طبعه وحريته، وفي الآستانة عادى أكبر قوة بها في ذياك الوقت, وهو أبو الهدى الصيادي1, ولعله تأثر في عداوته له بجمال الدين، وقد عرفت من أمرها معا بعض الشيء, أو لعل الصيادي -وهو الأرجح- كان عدوا لكل حر كريم، ولم يعبأ النديم بسطوة الصيادي وجاهه وقدرته على الانتقام، وهو رجل كانت له في كل مكان عيون تنقل له الأخبار؛ وقد اصطنع بمعروفه كثيرا من عظماء الدولة؛ فهم طوع يديه ورهن إشارته، وقد سخر كل ما بتركيا لخدمته, وكم نفذ أمره وأبطل أمر السلطان, وكم تدلل على عبد الحميد فبالغ في استرضائه.

ولكن النديم لا يهمه الصيادي ولا عبد الحميد, وأخذ يخوض في سيرته بلسان حاد بذئ، ووضع فيه كتابا سماه "المسامير"؛ كله هجو مقذع فاحش لا يشرف الصيادي، ولا يشرف النديم، وحاول الصيادي أن يعثر على هذا الكتاب، وهربه "جورج كرتشي" الذي كان متصلا بجمال الدين وعبد الله نديم إلى مصر، ثم طبعه.

مخ ۳۲۰