187

په نوي ادب کې

في الأدب الحديث

ژانرونه

ومن الأغراض القديمة التي خلع عليها البارودي لباس الجدة، وظهرت فيها شخصيته واضحة مجلية تفصح عن نفسه الأبية المتمردة على الظلم والطغيان، المحبة للعدالة والشورى والمساواة بين الناس، ذلك الشعر السياسي الوطني الذي دفعه إلى مركز الصدارة بين أبناء شعبه، وجعل منه زعيما محبوبا، ولذلك ألقي به في غيابة السجن، ورمي به بعيدا عن وطنه، ويا ليته كف عن مثل هذا الشعر وهو يتجرع غصص النفي والتشريد والمرض، بل زفر زفرات حارة كادت تحرق الطاغين المعتدين بشواظها الملتهب، ولذلك طالت غيبته عن دياره, وخالف أولو الأمر من عودته حتى لا يعيدها جذعا مشبوبة الضرام، ولما هدأت ثائرته، وكسرت حدته وخفت شرته، واشتكى ما به من ضعف وهزال، ودب إلى جسمه دبيب الفناء، أمنوا جانبه, فأعادوه إلى وطنه .

كان البارودي طموحا، يعتلج في حنايا صدره أمل كبير يود أن يجدد به مجد أسلافه، وقد رزق العقل الذكي، والفؤاد الأبي، والعلم والبصيرة، فلم لا يصل إلى ما لا يريد؟ ولكن ما كل ما يشتيه الإنسان ويأمله يسهل نواله، وقد وقفت في سبيل البارودي عقبات شتى, وظل الأمل يساروه على الرغم من هذه الصعاب.

ويلاه من حاجة في النفس هام بها ... قلبي، وقصر عن إدراكها باعي

أسعى لها وهي مني غير دانية ... وكيف يبلغ شأو الكوكب الساعي؟

ويعترف بهذه العراقيل التي تعترض طريقه، ولولاها لنال ما تمنى.

وإني امرؤ لولا العوائق أذعنت ... لسطوته البدو المغيرة والحضر

وهذا من أصرح الأبيات التي أشار فيها إلى ما يهيم به فؤاده، وإن كان قد ساقه في معرض الفخر بالشجاعة واقتحام ميادين القتال, وقد أخفق البارودي في تحقيق آماله, واعتذر عن هذا الإخفاق كما مر بنا.

مخ ۲۰۷