التواب الرحيم. ثم لما كان ما ظهر فيه من جمل الفتوحات التي قد فتحها الحق ووهبها من محض جوده سمى من عنده بالفواتح الإلهية. والمفاتح الغيبية الموضحة للكلم القرآنية. والحكم الفرقانية. وقبل الخوض في المقصود لا بد من تمهيد أصل كلى جملي يتضمن على سرائر عموم المعارف والحقائق. والمكاشفات والمشاهدات الواردة على قلوب الكمل وعلى مطلق الأوامر والنواهي وعموم التكاليف والاحكام الواردة من الله الموردة في الكتب والصحف الإلهية وعلى أسرار مطلق الإنزال والإرسال وحكم عموم الوحى والإلهام ومصالح الولاية المطلقة والنبوة والرسالة وعلى وضع الملل والأديان وصور الطاعات والعبادات الدنيوية والمعتقدات الاخروية من الحشر والنشر والجنة والنار والصراط والسؤال والحساب والجزاء وما يترتب عليها من اللذات الجسمانية والروحانية. والدرجات العلية الجنانية.
والدركات الهوية النيرانية. وغير ذلك من الأمور الجارية على السنة الكتب والرسل وفي عرف عموم الشرائع والأديان. الموضوعة لإرشاد الإنسان. وتكميله ليصل الى مرتبة المعرفة والإيقان. ويتمكن في مقر التوحيد والعرفان" اعلم". ان الوجود البحت وان شئت قلت الذات الاحدية أو الحقيقة المتحدة المحمدية أو الهوية الشخصية السارية في عموم المظاهر والأكوان أو مسمى اسم الله المستجمع لعموم الأسماء والأوصاف الإلهية وكأنه قد وضع هذا الاسم له سبحانه وضع الأعلام وان كان وضع العلم «٤» بالنسبة اليه سبحانه محالا في نفسه الى غير ذلك من العبارات انما هو عبارة عن المبدأ الحقيقي والمنشأ الأصلي لعموم ما ظهر وبطن وغاب وشهد وهو ينبوع بحر الوجود وقبلة الواجد والموجود وهو الموجود حقيقة وما سواه معدوم باطل وظل زاهق زائل. وبالجملة ليس المقصود من العبارات المذكورة الا الإشارة والتنبيه على الحقيقة المتحدة الإلهية التي قد استقل بها في الوجود وتفرد بالتحقق والثبوت بلا تعدد فيه وشركة وكثرة أصلا الا وهو الوجود «٥» البحت الخالص عن مطلق القيود المخصصة والأوصاف المتخصصة وإياك إياك ان تفهم من لفظ الوجود المعنى المصدري او المفهوم الكلى المنقسم الى المتواطئ والمشكك او المفهوم الزائد على الماهيات أو العين لها الى غير ذلك من المزخرفات التي قد أوهمها أصحاب القيود المتشبثين بأذيال الحجج والحدود التي قد اعتبرتها أحلامهم السخيفة وعقولهم الكثيفة المموهة بتمويهات الأوهام والخيالات الباطلة الشيطانية المورثة لهم من القوى البهيمية الناسوتية المتفرعة على الشركة والثنوية قطعا من غير تفطن وتنبه لهم الى عالم اللاهوت ومقتضيات القوى الروحانية المترتبة على الوحدة الذاتية الحقيقية الحقية وما ذلك الا من ظلمات الفهم وعاداتهم بالمدركات الحسية وبمنتزعاتها الكلية والجزئية المستنبطة من المحسوسات الشهادية ومن الملكات الرديئة الكثيفة التقليدية الراسخة في نفوسهم من القوى والآلات الناسوتية بلا شعور منهم وانتباه الى الملكات اللطيفة الفطرية اللاهوتية التي هم جبلوا عليها وخلقوا لأجلها. وبالجملة من لم يجعل الله له نورا فماله من نور. بل لك أن تفهم من لفظ الوجود الكون والتحقق والثبوت الواقع في الواقع وفي نفس الأمر المعبر عنه بلغة الفرس بلفظة «هست» المقابل للفظة «نيست» والوجود بهذا المعنى يقابل للعدم تقابل العدم والملكة بحيث لا اتصاف لاحد المتقابلين بالآخر أصلا فيكون الوجود واجب الوجود البتة والعدم ممتنع الوجود البتة بلا امتزاج لهما
_________
(٤) اعلم ان وضع العلم لذات الحق محال من البشر والملك والجن لان وضع العلم مسبوق بالعلم بالموضوع له على ما هو عليه مع جميع لوازمه وعوارضه ليمكن للواضع وضع العلامة بإزائه ولا يتيسر لهؤلاء الاطلاع على ذات الحق على الوجه المذكور حتى يمكن لهم وضع العلم بإزائه سبحانه اللهم الا ان يقال قد وضع الحق لذاته المعلومة لذاته على الوجه المذكور علما وعلمه عباده من الملائكة والثقلين وهذا العلم له سبحانه ضروري حضورى ولا استحالة في ذلك تأمل منه
(٥) وهو المبدأ واليه المعاد لا اله الا هو ولا موجود سواه وكل شيء هالك الا وجهه له الحكم واليه ترجعون منه
1 / 3