عن سلاسل الزمان وأغلال المكان وانما أيدهم وشرفهم سبحانه بهاتين الوديعتين البديعتين اللتين إحداهما أب العلم اللدني المنشعب من حضرة العلم المحيط الإلهي وثانيتهما أم العمل المتفرعة على حضرة القدرة الغالبة الشاملة الإلهية ليتولد لهم من امتزاج هاتين البديعتين الغيبيتين اللاهوتيتين جميع الأعمال والأخلاق المرضية والخصال السنية والسجايا الفاضلة المؤدية الى التخلق بالأخلاق المرضية الإلهية والتقرر بمرتبة الخلافة والنيابة المودعة لهم من عنده سبحانه حسب فضله وجوده المترتبة على وجودهم الباعثة عن إيجادهم واظهارهم وفق الحكمة المتقنة البالغة. ثم لما كمل سبحانه ذوات الرسل والأنبياء بما كمل وقررهم في مقر خلافته ونيابته وفق ما أراد وشاء بعثهم سبحانه بالإرادة والاختيار الى من بعثهم من بريته وخليقته ممن صورهم على صورته وأظهرهم على نشأة خلته وفطرة خلافته ونيابته ليدعوهم الى زلال وحدته وسعة رحمته ويرشدوهم الى طريق الهداية والتوحيد ويبعدوهم عن سبل الضلالة والتقليد ويلقنوا عليهم الايمان ويبذروا في قلوبهم بذور اليقين والعرفان. وبالجملة يرغبوهم الى درجات الجنان التي هي عبارة عن فضاء الوجوب وصفاء الوصلة الذاتية ويجنبوهم عن دركات النيران التي هي عبارة عن عالم الكثرة ومضيق الإمكان ومع ذلك قد أيد الرسل منهم صلوات الرّحمن عليهم بمزيد الكرامة والإحسان بانزال الكتب والصحف المبينة لشرائعهم واديانهم الموضوعة بالوضع الإلهي المقتبسة من حضرة الكلام النفسي القديم الإلهي المنصبغة بصبغ الألفاظ والحروف الحاصلة من تقاطع الأصوات على الوجه الذي قد أشرنا اليه لتكون معجزة لهم وذريعة الى قبول دعوتهم وتصديقهم في عموم أقوالهم وأفعالهم وأحكامهم والى تأييد دينهم وشريعتهم وترويج مذهبهم وملتهم ووقاية لها بحفظها عن تطرق مطلق التبدل والتحريف نحوها والانصراف عنها والعمل بمقتضاها ومع ذلك لا يقبلها منهم الا اقل من القليل ثم اعلم ان أفضل من انزل اليه الكتاب. وأكمل من اوتى نحوه الحكمة وفصل الخطاب. انما هو الحضرة الحتمية الخاتمية التي قد طويت دون ظهور دينه وشرعه سجلات عموم الشرائع والأديان واضمحلت عند بعثته مراسم جميع الملل والنحل وغارت وانخفضت وتلاشت بظهوره ﷺ رسوم عموم اصحاب البدع والأهواء. وخمدت نيران جميع اهل الزيغ والآراء. وكيف لا وقد لاحت عند ظهوره ﷺ شمس الذات الاحدية من آفاق عموم الذرات وأشرق نور الحق الحقيق بالحقية على صفائح مطلق الأكوان والأعيان وغار ظلمة الليل الباطل على اغوار الإمكان ومهاوي الاعدام وأضاء صفاء سره وسريرته قلوب عموم الأولياء الأمناء المستخرجين من أمته المقتبسين من مشكاة نبوته ورسالته أنوار مرتبته ﷺ بحيث قد صار علماء أمته وعرفاء شرعه وملته مثل سائر الأنبياء الماضين بكرامة إرشاده وتربيته وبشرف متابعته وصحبته ولهذا ما تفوه احد من الأنبياء والرسل الذين مضوا من قبله ﷺ بالتوحيد الذاتي في دعوته بل كلهم قد مضوا على اظهار توحيد الصفات والأفعال وان كان بطانة دعوة الكل توحيد الذات الا انهم لم يتكلموا به ولم يتفوهوا عنه ولم يصرحوا به انتظارا لظهور مرتبته ﷺ وبروز نشأته وكيف وقد كانت جميع مناقبه وحليته وأوصافه وأطواره ﷺ وكذا
ظهور دينه وملته وشرعه وأمته وكتابه ونسخه عموم الكتب والأديان. وبالجملة جميع شمائله وخصاله ﷺ مكتوبة محفوظة في كتبهم وصحفهم ملهمة إياهم من قبل ربهم بزمان وهم كانوا مترقبين ظهوره ﷺ في عموم أوقاتهم. وبعد ما ظهر ﷺ وعلا قدره وانتشر
1 / 15