[المطلب الثالث: المستقبل]
المطلب الثالث: المستقبل ويجب الاستقبال مع العلم بالجهة فإن جهلها عول على ما وضعه الشرع أمارة (1)؛ والقادر على العلم لا يكفيه الاجتهاد المفيد للظن، والقادر على الاجتهاد لا يكفيه التقليد.
ولو تعارض الاجتهاد وإخبار العارف، رجع إلى الاجتهاد، والأعمى يقلد المسلم العارف بأدلة القبلة، ولو فقد البصير العلم والظن قلد كالأعمى- مع احتمال
قوله: «ويجب الاستقبال مع العلم بالجهة فإن جهلها عول على ما وضعه الشرع أمارة.».
(1) يمكن أن يريد بالجهة هاهنا العين- كما استعمله مرارا فيما تقدم- ليناسب ما بعده، فإن ما وضعه الشارع علامة للجهة بالمعنى المتعارف أكثره مفيد للعلم بها، فلا يجوز تعليق التعويل عليه على عدم العلم بها. وحينئذ فيشمل قوله: «فإن جهلها» من هو قريب من العين ولا يمكنه معرفتها كالمحبوس بمكة والمريض والبعيد عنها بحيث يكون فرضه الجهة المتعارفة.
ويجوز أن يريد بها الجهة بالمعنى المتعارف، ويريد بالعلم بها للبعيد استفادتها من نحو محراب المعصوم، ومع تعذره يرجع إلى ما نصبه الشارع وإن كان بعضه مفيدا للعلم بها إلا أنه لا يرجع إليه حينئذ مطلقا، لما تحقق من عدم جواز الاجتهاد بتلك العلامات بما يخالف محراب المعصوم.
ويمكن أن يريد بالعلم بها معنى ثالثا وهو ما يشمل العلامات الشرعية المفيدة للعلم بالجهة، ويريد بالأمارة التي ترجع إليها عند عدم العلم العلامة المنصوبة من الشرع المفيدة للظن كالأهوية والقمر، فإن جواز الرجوع إليها مشروط بتعذر الرجوع إلى العلامات النجومية وما في معناه من المفيد للعلم بالجهة، كما لا يخفى على من مارس تلك العلامات. ويؤيد إرادة هذا المعنى تسميته لذلك أمارة، فإنها تطلق على الدليل المفيد للظن غالبا.
مخ ۱۵۵