والعاشر : في بيان الاصطلاحات التي يعم بها البلوى.
والحادي عشر ، والثاني عشر : في التنبيه على طرف من الأغلاط والترددات التي وقعت من فحول العلماء الأعلام ، ليتضح عند اولي الألباب أن عمدة الخطأ أو التحير التي وقعت من العلماء في أفكارهم إنما نشأت من الخطأ في مقدمة هي مادة المواد في بابها ، أو من التردد فيها *.
* نعم ، قد اتضح عند اولي الألباب ضعف محصول من يدعي هذه الدعوى العريضة ولو كانت حقا ، وهنا يحسن التمثيل بقول القائل :
وكم من عائب قولا صحيحا
وآفته من الفهم السقيم
ولا بد من بيان جملة من الواضحات في هذا المقام على خلاف ما يدعيه لتنكشف حقيقة الحال.
أولها : إن كلامه على العلامة قدس الله روحه بما يقتضي تركه العمل بالحديث وأنه اعتمد على الامور الظنية بقول مطلق. وهذا ليس بصحيح ، فإن العلامة اعتمد على العمل بالحديث في مسائله وفتواه وتساهل في العمل بالخبر بما
لم يتساهل فيه غيره صونا لضياع الخبر ، ولم يرجع إلى غيره إلا عند فقده ، فيرجع إلى الاجتهاد الذي قد اتفق عليه المؤالف والمخالف حتى جوزه بعضهم للأنبياء ونقلوه عن الامم السالفة ، وهو راجع إلى قواعد أهل البيت عليهم السلام واصولهم بالاستنباط المعتبر في الاجتهاد ، وقد ثبت عنهم عليهم السلام تجويزهم لشيعتهم العمل بالظن إذا تعذر العلم في مسائل كثيرة ، وقد صرح غالب الأصحاب المعتمدين في مسائل عديدة : أنهم لم يجدوا فيها نصا ، والوجدان أيضا يحقق ذلك عند الاختبار. والمصنف يدعي أن كل حكم لا بد أن يوجد عليه دلالة من الحديث ، فظاهر ذلك أن يكون صريحا ولا يحتاج إلى الاستنباط. وكلام المصنف على العلامة فيما أشرنا إليه من تركه الحديث كان أحق به السيد المرتضى وابن ادريس وغيرهم ممن لا يعمل بخبر الواحد.
ودعواه أن جميع الأحاديث التي في الكتب الأربعة كلها مأخوذة من الاصول القديمة المشهورة الثابتة النقل عن الأئمة عليهم السلام كأنها كانت موجودة في زمن الشيخ وغيره من أصحاب تلك الكتب ولم تكن موجودة في زمن المرتضى وابن أبي عقيل وابن الجنيد وغيرهم من المتقدمين ، أو كانت موجودة لكنهم لم يطلعوا عليها ، وإلا كيف جاز للمرتضى وغيره في فتاويهم غالبا مخالفة
مخ ۳۳