قال : " بك تبتلون " قال : فقام رجل من قريش ، فقال : أدركتها يا رسول الله ، فقال : " إنك منها كقائد الناقة بخطامها أو قال بزمامها " قال : فقام أبو الدرداء ، فقال : يا رسول الله أرأيت أن منيتنا بذلك مع من نحن ؟ فقال : " مع ابن عفان فإنه يومئذ وأصحابه على الحق " قال : فأخذ بعصاي فأدار بوجهي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : مع هذا مع ابن عفان قال : " نعم ، فإنه يومئذ وأصحابه على الحق " قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد ، قال : فأذكركم بالله عز وجل وبالإسلام ، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل حائطا من حوائط الأنصار وأجلس على أعمال الناس رجلا ؟ فقال : " لا يدخلن علي رجل إلا بإذن " فجاء أبو بكر فاستأذن ، فقال : أبو بكر بالباب ، فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " قال : فدخل وهو يقول : اللهم حمدا ، ثم جاء عمر فاستأذن ، فقال : عمر بن الخطاب ، فقال : " ائذن له وبشره بالجنة " قال : فدخل وهو يقول : اللهم حمدا ، قال : ثم جئت فاستأذنت ، فقيل : عثمان بالباب ، فقال : " ائذن له وبشره بالجنة على بلوى شديدة تصيبه " فدخلت وأنا أقول : اللهم صبرا قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد ، فأذكركم بالله وبالإسلام هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما قاعدا وعنده عائشة وعنده أبو بكر ، وعمر ، وذلك قبل أن يضرب عليهم الحجاب ، فجئت فاستأذنت ، فقال : عثمان بالباب ، فقال لعائشة : " تزملي بثيابك " وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتستر ببعض من ثوبه يسويه على نفسه ، فلما خرجنا ، قالت عائشة : يا رسول الله ما أراك إلا قد أغضبت أصحابك ، قال : " ولم ؟ " قالت : لما صنعت لإجلالك عثمان ، قال : " يا عائشة أو لا أستحي ممن تستحي منه الملائكة ، إن عثمان يأتيني يطلب الحاجة فيمنعه الحياء أن يتكلم بها ، وإن الملائكة تستحي من عثمان " قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد ، قال : فأذكركم بالله عز وجل وبالإسلام ، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ماتت ابنتاه عندي ، قال : " ألا أبو أيم ألا أخوها ينكحها عثمان ، فوالله لو كانت عندي الثالثة لأنكحتها إياه " ثم قال : " صاهرت رجالا فوجدت عثمان أحب أصهاري " قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد ، قال : فأذكركم بالله وبالإسلام ، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين زوجني ابنته أم كلثوم ، قال : " أي بنية لم أزوجكيه أنا ولكن جبريل عليه السلام أمرني عن ربي عز وجل ، أما إنه أشبه الناس بأبيك محمد وبجدك إبراهيم خلقا وخلقا " قالوا : اللهم نعم ، قال : اللهم اشهد ، فأذكركم بالله وبالإسلام ، هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر إلي مقبلا ، قال : " هذا أشبه الناس بي ، وبجدي إبراهيم خلقا وخلقا " قالوا : اللهم نعم ، فقال عثمان : قد علمتم الذي كان لي علي منكم من إيمان ، وكف من كف ، فقال له : يا أمير المؤمنين أتأذن لنا أن نقاتل عنك ؟ قال عثمان : عزمت عليك لما انصرفت ، فإن أعظمكم عندي غنى من هؤلاء قال : فخرجوا من عنده ، فصلى بهم صلاة الصبح ، فوثبوا عليه يريدون قتله ، فحال بينه وبينهم المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي ، فقتلوه ، وأقبل عبد الله بن عمر ، فصرخ بأعلى صوته ، فقال : يا معشر المسلمين إن عثمان بن عفان خليفتكم لا يحل لكم قتله ، فإن كنتم لابد قاتليه فاتبعوا الآن خيرا منه ، ولستم بأحق به ، قال : فأقبل عبد الله بن سلام ، فقال : يا معشر المسلمين أتعرفونني ، قالوا : اللهم نعم ، قال : هل تعلمون أني ممن أتاه الله أجره مرتين ، قالوا : اللهم نعم ، قال : وممن قال الله عز وجل : { وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله} قالوا : اللهم نعم ، قال : فوالذي نفسي بيده إني لأجد في كتاب الله المنزل إن سيد هذه الأمة بعد نبيها الصديق ، أصابوا نعته ، والذي يليه عمر الفاروق وقرن من جديد أمير سديد ، ثم الذي يليه عثمان ذو النورين يقتل مطلق ، فوالذي نفسي بيده لئن قتلتموه لينزعن الله عز وجل منكم السوط والدرة ، وليسلطن الله عليكم سلطان السيف إلى يوم القيامة ، ألا وإن لله عز وجل عندكم سيفا معمودا لم يسلط على قوم حتى يسلوه على أنفسهم ، فإذا سلوه على أنفسهم لم يغمده عنهم إلى يوم القيامة ، قالوا : حديث يا ابن اليهودية ، واتهموه ، وقالوا أثرا ، قال : ثم إن سعدا دخل على عثمان ، فقال له عثمان : اخرج إلى هؤلاء القوم فأنصفهم مني واقصص منهم ، ثم قالت : فخرج سعد ، فقال : من كان يطلب عثمان ، ولو نصرته سوط جهده فهذه يمنتي له حتى أؤتيه بها ، قال : فاتهموه ، وقالوا له : شرا ، قالت : فالتفت سعد فإذا به ورجل مختبئ بفناء الدار بحمائل سيفه عليه عمامة سوداء حرقانية ، على يمينه ابن جعفر ، وعن يساره التجيبي وأبو حذيفة ، فقال له سعد : يا أبا فلان إن هذا الأمر عصب برأسك فأفديه عنك ، فإنما كنتم تنقمون على عثمان ، فما إن رجع عنه وتاب والله يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن ذلك ، فقم بأبي أنت وأمي فأصرف الناس ، قال : فنهيا للصلح ، قال : فأخذ ابن جعفر والتجيبي بأذنيه فسارا به طويلا فأعاد الحياة كما كانت ، ثم قال : الآن فقد تلقى الجزاء من الطيبين ، والتفت خلفنا للنظار ، قال : فقال : إن تعد مهلا يا أبا فلان تريث كفاك ، أما إنك ستبلغ على ما تقول ، ثم رجع إلى عثمان بما كان فضحك عثمان في وجهه وقال : سمعت يا أبا إسحاق أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أشرف علي من هذه السهوة ، فقال لي عثمان : قلت لبيك يا رسول الله ، قال : " حصروك ؟ " قلت : نعم يا رسول الله ، قال : " أخافوك ؟ " قلت : لا يا رسول الله ، قال : " أظمئوك ؟ " قلت : نعم يا رسول الله ، قال : فأدلى لي دلوا فشربت منه حتى رويت قال : " أخيرك ما أن تقاتل هؤلاء القوم فتنصر عليهم ، أو تصبح صائما فتفطر عندنا " قال سعد : فقلت : هل لا أخرت الصيام ، قال : قد فعلت ، قال : فلما طلع النهار دخل عليه التجيبي وأبو حذيفة حتى جلس بين يديه ، فقال : يا بعيد ، قال : لست ببعيد ولكني عثمان أمير المؤمنين ، قال : فإنه بلغني تهودت بعدي ، قال : معاذ الله ولكنك غدرت بعدي ، قال : فكيف أصبح وقد حلفت أن أهريق دمك ، قال : تخرج إلى الناس فتخبرهم أنك قد فعلت ، قال : ثم إن محمد بن أبي بكر دخل عليه منابطا سيفه قد علق كتائبه في همساته ، فجلس بين يديه ، فقال : يا بعيد ، فقال : لست ببعيد ولكني عثمان أمير المؤمنين ، قال : فأهوى بيده إلى لحيته ، فقال : مه يا ابن أخي كف يدك عن لحية عمك وحلها ، فإن أباك قد كان يحلها ، فغضب فأخذ مشقصا من كنانته فضربه في ودجه ، فأسرع السهم فيه ، ثم دخل التجيبي وأبو حذيفة ، فضرباه بأسيافهم حتى أماتاه وهو يقرأ في المصحف ، فوقعت نضحة من دمه على قوله : { فسيكفيكهم الله } ثم خرجا إلى الناس ، فقالا : قد قتلنا عثمان أمير المؤمنين ، قال : فقال له ناس من الناس : لعله لم يجار عليه بعد ، قال : فرجع التجيبي إليه ، وقد غمدوا دثارا فيه فسحبنه وهي سكينة ، فقال : أوغلي بعيدا ، قال : تقول نائلة بنت الفرافصة : ما تصنع به وقد قتلته ، قال : أنظر إليه وكشف الثوب عن وجهه ، فإذا هو يعتلج على ما يعتلج الميت ، فاخترط سيفه فوضع دثار السيف بين ثدييه ثم اتكأ على قائمه حتى أنفذه من بين كتفيه ، قالت : فقالت نائلة : مالك قتلته قتلك الله وقبضت السيف حتى عاقله من بين يديها ، فرمى بأناملها ، قال كعب : فوالذي نفسي بيده إني لأجد كتاب الله عز وجل المنزل أثر ذراعي التجيبي قاتل عثمان رحمه الله سهما بين طربات ، قال : وقتل قاتله الله ، وكان أشد الناس معه قتالا الحسين بن علي ، وطلحة بن عبيد الله ، قاتل مع عثمان رحمه الله ستة آلاف لو شاء أن يقاتلوهم قاتلوهم ، ولكن أقسم لا يهراق فيه محجمة من دم . آخر المقتل
ناپیژندل شوی مخ