روي نحو هذا عن زيد بن أسلم والشعبي وربيعة وغيرهم.
وقوله: ﴿وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ﴾ قال ابن كثير: يأمر تعالى بإقامة العدل في الأخذ والإعطاء ﴿لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا﴾ أي من اجتهاد بأداء الحق وأخذه، فإن أخطأ بعد استفراغ الوسع وبذل جهده فلا حرج عليه.
وقوله: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ هذا أمر بالعدل في القول والفعل على القريب والبعيد. قال الحنفي: العدل في القول في حق الولي والعدو لا يتغير في الرضى والغضب، بل يكون على الحق وإن كان ذا قربى فلا يميل إلى الحبيب والقريب ﴿وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾ ١.
وقوله: ﴿وَبِعَهْدِ اللَّهِ أَوْفُوا﴾ قال ابن جرير: وبوصية الله تعالى التي وصاكم بها فأوفوا. وإيفاء ذلك بأن يطيعوه بما أمرهم به ونهاهم عنه. وأن يعملوا بكتابه وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم، وذلك هو الوفاء بعهد الله. وكذا قال غيره.
وقوله: ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ تتعظون وتنتهون عما كنتم فيه.
وقوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ ٢ قال القرطبي: "" هذه آية عظيمة عطفها على ما تقدم. فإنه نهى وأمر وحذر عن اتباع غير سبيله على ما بينته الأحاديث الصحيحة وأقاويل السلف. و" أن " في موضع نصب. أي أتلو أن هذا صراطي، عن الفراء والكسائي. ويجوز أن يكون خفضا. أي وصاكم به وبأن هذا صراطي. قال: والصراط الطريق الذي هو دين الإسلام. " مستقيما " نصب على الحال ومعناه مستويا قيما لا اعوجاج فيه. فأمر باتباع طريقه الذي طرقه على لسان محمد صلي الله عليه وسلم وشرعه، ونهايته الجنة، وتشعبت منه طرق، فمن سلك الجادة نجا، ومن خرج إلى تلك الطرق أفضت به إلى النار. قال الله تعالى: ﴿وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ أي تميل". انتهى.
_________
١ سورة المائدة آية: ٨.
٢ سورة الأنعام آية: ١٥٣.
1 / 23