للشمس والقمر والكواكب ويدعوها، ويصوم وينسك لها ويتقرأ إليها١. ثم يقول: إن هذا ليس بشرك، إنما الشرك إذا اعتقدت أنها المدبرة لي، فإذا جعلتها سببا وواسطة لم أكن مشركا، ومن المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام أن هذا شرك"". انتهى كلامه.
وقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ ٢
قوله: " وقول الله تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ﴾ " بالجر عطف على التوحيد؛ ويجوز الرفع على الابتداء.
قال شيخ الإسلام: " العبادة هي طاعة الله بامتثال ما أمر الله به على ألسنة الرسل".
وقال أيضا: " العبادة اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة".
قال ابن القيم: " ومدارها على خمس عشرة قاعدة، من كملها كمل مراتب العبودية".
وبيان ذلك: أن العبادة منقسمة على القلب واللسان والجوارح. والأحكام التي للعبودية خمسة: واجب ومستحب وحرام ومكروه ومباح. وهن لكل واحد من القلب واللسان والجوارح.
وقال القرطبي: " أصل العبادة التذلل والخضوع، وسميت وظائف الشرع على المكلفين عبادات؛ لأنهم يلتزمونها ويفعلونها خاضعين متذللين لله تعالى"".
ومعنى الآية: أن الله تعالى أخبر أنه ما خلق الجن والإنس إلا لعبادته، فهذا هو الحكمة في خلقهم.
قلت: وهي الحكمة الشرعية الدينية.
قال العماد ابن كثير: " وعبادته هي طاعته بفعل المأمور وترك المحظور. وذلك هو حقيقة دين الإسلام؛ لأن معنى الإسلام: الاستسلام لله تعالى، المتضمن غاية الانقياد والذل والخضوع". انتهى.
وقال أيضا في تفسير هذه الآية: ومعنى الآية أن الله خلق الخلق ليعبدوه وحده لا شريك له. فمن أطاعه جازاه أتم الجزاء، ومن عصاه عذبه أشد العذاب، وأخبر أنه غير
_________
١ أي يذبح لها الذبائح، ويصنع الأطعمة، كما يفعل الحاج لبيت الله من المناسك.
٢ سورة الذاريات آية: ٥٦.
1 / 14