Fath al-Majeed Sharh Kitab al-Tawheed - Hatiba
فتح المجيد شرح كتاب التوحيد - حطيبة
ژانرونه
الفرق بين الإرادة الشرعية والإرادة الكونية
إن بين الإرادة الشرعية الدينية والإرادة الكونية القدرية عموم وخصوص يجتمعان في حق المخلص المطيع وتنفرد الإرادة الكونية القدرية في حق العاصي فافهم ذلك تنجو من جهالات أرباب الكلام.
يعني: أن الله ﷿ له إرادتان: إرادة كونية قدرية، وإرادة شرعية طلبية، فالإرادة الكونية القدرية هي التي تتعلق بكن فيكون، فالله ﷿ خلق الخلق منهم كافر ومنهم مؤمن، وهذه إرادة لله ﷿ الكونية القدرية، وهذه الإرادة يستحيل أن يخالف فيها أحد من خلق الله ﷿.
النوع الثاني من الإرادات التي هي الطلب، أي: أن الله ﷿ يطلب من عباده فيريد الله ﷿ من عباده أن يعبدوه، ومع ذلك جعل لهم إرادة وجعل لهم اختيارًا وكسبًا.
إذًا: هنا الإرادة الكونية القدرية ليس للعبد اختيار فيها، لكن الإرادة الشرعية يجعل للعبد اختيارًا فيها يفعل أو لا يفعل فيستشعر العبد أنه مريد وأنه مختار، وأنه قادر على الفعل وعلى الترك، وهنا محل التكليف، ويوم القيامة حين يسأله: لم فعلت كذا؟ لن يقول: يا رب أنت كتبت علي هذا، ولكن العبد يوم القيامة يسأل عن فعله، فيقول: ﴿غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ﴾ [المؤمنون:١٠٦]، يقول العلماء: الإرادة الكونية القدرية تجتمع في المؤمنين والكافرين، من إرادة خلق، وإرادة رزق، وإرادة نفع، وإرادة ضر، وإرادة أن يكون هذا في كذا وهذا في كذا، أما الإرادة الشرعية هي التي تنبني على ما يحبه الله ﷾ ويكون في أوامره الشرعية التكليفية، افعل أو لا تفعل وفي الإرادة الكونية القدرية فإن العبد لا يقدر أن يهرب منها أبدًا، ولا يعجز الله ﷿، والإرادة الشرعية جعل الله للعبد الاختيار فيها ويحاسبه على مقتضى اختياره يوم القيامة، إذًا العبد مكلف وإن كان (وما تشاءون إلا أن يشاء الله)، والعبد حين يفعل الفعل يستشعر في نفسه أنه مريد، وأنه مكتسب لهذا الشيء، ويستشعر أنه ليس هناك أحد يجبره، صحيح أننا لن نخرج عن مشيئة الله وقضائه وقدره، لكن هذا مع ذلك نستشعر في أنفسنا كمال الإرادة، أنا أريد أن أفعل أن أتصدق، والإنسان النائم يسمع الأذان ويقول: أصلي أو لا أصلي؟ اختياره فهو مريد لذلك ولم يخرج عن علم الله سبحانه وعن قضائه وقدره، ولكن الله ﷿ يعطيه في نفسه ما يشعره بالاختيار، وفي ذلك يحاسبه الله ﷾.
1 / 7