120

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

ژانرونه

٤٤ - قيام الليل
يقول السائل: نحن مجموعة من المصلين نقوم بدعوة بعضنا بعضًا لقيام الليل بشكل جماعي ونختار دائمًا ليلة الجمعة ليس كتخصيص لهذه الليلة وإنما لأننا نكون في فراغ ليلة الجمعة ويمكن الاستراحة بعد ذلك ونوضح دائمًا للحضور بأن الرسول ﷺ قد نهى عن تخصيص ليلة الجمعة بقيام ونبين السبب في اختيار هذه الليلة فهل في هذا حرج؟
الجواب: إن الأصل في باب العبادات هو التوقيف والتلقي عن الرسول ﷺ كما قرر ذلك أهل العلم.
وبناء على الأصل السابق قرر العلماء أنه لا يجوز تخصيص زمان معين بعبادة معينة بدون دليل شرعي فقد صح في الحديث عن النبي ﷺ قال: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد) رواه مسلم.
قال الشيخ أبو شامة المقدسي: [ولا ينبغي تخصيص العبادات بأوقات لم يخصصها بها الشرع بل يكون جميع أفعال البر مرسلة في جميع الأزمان ليس لبعضها على بعض فضل إلا ما فضله الشرع وخصه بنوعٍ من العبادة فإن كان ذلك اختص بتلك الفضيلة تلك العبادة دون غيرها كصوم يوم عرفة وعاشوراء والصلاة في جوف الليل والعمرة في رمضان ومن الأزمان ما جعله الشرع مفضلًا فيه جميع أعمال البر كعشر ذي الحجة وليلة القدر التي هي خير من ألف شهر أي العمل فيها أفضل من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر فمثل ذلك يكون أي عمل من أعمال البر حصل فيها كان له الفضل على نظيره في زمن آخر. فالحاصل أن المكلف ليس له منصب التخصيص بل ذلك إلى الشارع وهذه كانت صفة عبادة رسول الله ﷺ] الباعث على إنكار البدع والحوادث ص٧٧.
وقال الشيخ علي محفوظ عند ذكره لأمثلة البدعة الإضافية: [٧. تخصيص يوم لم يخصه الشارع بصوم أو ليلة لم يخصها الشارع بقيام فالصوم في ذاته مشروع وقيام الليل كذلك وتخصيصهما بيوم أو بليلة بدعة] الإبداع في مضار الابتداع ص٥٩.
إذا تقرر هذا فقد ثبت في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره عن أبي هريرة ﵁ عن النبي ﷺ قال: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيامٍ من بين الليالي ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم ٍ يصومه أحدكم) . قال الأمير الصنعاني: [الحديث دليل على تحريم تخصيص ليلة الجمعة بالعبادة بصلاة وتلاوة غير معتادة إلا ما ورد به النص على ذلك كقراءة سورة الكهف فإنه ورد تخصيص ليلة الجمعة بقراءتها وسور أخرى وردت بها أحاديث فيها مقال وقد دل هذا بعمومه على عدم مشروعية صلاة الرغائب في أول ليلة جمعة من رجب ولو ثبت حديثها لكان مخصصًا لها من عموم النهي لكن حديثها تكلم العلماء عليه وحكموا بأنه موضوع] سبل السلام ٢/٦٦٣.
وروى ابن سعد في الطبقات بسنده عن محمد بن سيرين قال دخل سلمان على أبي الدرداء في يوم جمعة فقيل له: هو نائم فقال: ما له؟ قالوا: إنه إذا كان ليلة جمعة أحياها ويصوم يوم الجمعة قال: فأمرهم فصنعوا طعامًا في يوم جمعة ثم أتاهم فقال: كل فقال: إني صائم فلم يزل به حتى أكل ثم أتيا النبي ﷺ فذكر له ذلك فقال النبي ﷺ وهو يضرب بيده على فخذ أبي الدرداء: (عويمر! سلمان أعلم منك ثلاث مرات لا تخصن ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تخصن يوم الجمعة بصيام من بين الأيام] قال الشيخ الألباني بعد أن ذكره وهذا إسناد مرسل صحيح: سلسلة الأحاديث الصحيحة ٢/٧١٢.
وبناء على ما سبق فإن ما ورد في السؤال من اختيار ليلة الجمعة لقيام الليل بشكل جماعي بدعة وفيه مخالفة واضحة لنهي النبي ﷺ عن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة خاصة وهو قوله ﷺ: (لا تخصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي) والأصل في النهي أنه يفيد التحريم وما ذكر من تعليل في السؤال أنهم يستريحون بعد ليلة الجمعة فليس مقبولًا ولا يعد مسوغًا لذلك.
وخلاصة الأمر أن تخصيص ليلة الجمعة بصلاة قيام الليل بشكل جماعي والتداعي لذلك بدعة مخالفة لسنة النبي ﷺ.

6 / 44