234
والنبي ﵊ قال: «زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة» (١) فيزورها للذكرى، والعبرة، والدعاء للموتى، والترحم عليهم. وهذه هي السنة، من دون شد الرحل.
ولكن لا يزورهم لدعائهم من دون الله. فدعاؤهم من دون الله شرك بالله ﷿.
فكونه يدعوهم، أو يستغيث بهم، أو يذبح لهم، أو يتقرب إليهم بشيء من العبادة، أو يطلب منهم المدد، فهذا لا يجوز، وهذا من الشرك بالله ﷿، فكما أنه لا يجوز مع الأصنام، ومع الأشجار والأحجار، فهكذا لا يجوز مع الموتى.
فلا يدعو الصنم ولا يستجير به ولا يستغيث به، ولا الشجر، ولا الحجر، ولا الكوكب، وهكذا أصحاب القبور، لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم، ولا يطلب منهم المدد.
بل هذا شرك بالله ﷿، كما قال الله سبحانه: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا﴾ (٢) [الجن: ١٨] وقال سبحانه: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ﴾ (٣) ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ (٤) [فاطر: ١٣، ١٤] ﷾.
فبين سبحانه أن دعاء العباد للموتى ونحوهم شرك به سبحانه، لقوله سبحانه: ﴿وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ (٥) فجعل دعاءهم إياهم- أي: دعاء الموتى والاستغاثة بأصحاب القبور - شركا بالله ﷿.

(١) صحيح مسلم الجنائز (٩٧٦)،سنن النسائي الجنائز (٢٠٣٤)،سنن أبو داود الجنائز (٣٢٣٤)،سنن ابن ماجه ما جاء في الجنائز (١٥٦٩)،مسند أحمد بن حنبل (٢/٤٤١) .
(٢) سورة الجن الآية ١٨
(٣) سورة فاطر الآية ١٣
(٤) سورة فاطر الآية ١٤
(٥) سورة فاطر الآية ١٤

1 / 244